أن المادة مؤلفة من جواهر غاية في الصغر، متمتعة بحركة ذاتية فيها، وأنها أزلية أبدية (1) وأنه لم ينقص عددها ولن ينقص ولم تزد ولن تزيد من الأزل إلى الأبد، فهي من هذه الناحية باقية خالدة، أما التغير والتحول ففي انضمام الأجزاء بعضها إلى بعض وانفصالها " (2) وهم يعنون أنها قديمة غير محدثة، وتبعهم كثيرون من فلاسفة الإسلام، وربما نجدهم ينزعون من الجوهر الفرد جميع خصائص المادة، فهو عند جماعة ليس له أبعاد ولا حركة ولا سكون كما أشرنا إليه فيما سبق.
وأنه بالرغم من كل هذا فقد اتخذ المتكلمون الإسلاميون من هذه النظرية أساسا لرأيهم في خلق العالم، وقالوا أن الله خلق أولا أجزاء لا تتجزأ منفردة، ولعلهم يعتمدون لذلك على قوله تعالى * (ثم استوى إلى السماء وهي دخان فقال لها وللأرض ائتيا طوعا أو كرها قالتا أتينا طائعين) * بتفسير الدخان بذرات المادة التي لا تتجزأ وترى كأنها الدخان، ثم ألف الأشياء منها (3) فهم قد أخذوا أصل هذه الفكرة عن اليونان، وخالفوهم في قدمها وأزليتها. وقد ولع متكلمو الإسلام بهذه الفكرة حتى كانوا يرمون من خالفهم بها بالخروج على أصل من أصول الإسلام.
أما هشام فقد خالف الجمهور في نظرية الجوهر الفرد.
وذهب إلى إبطاله، وقال بأن كل جزء يفرض فهو قابل