الإيمان به: الملازمة التامة والاتصال الشديد، والقلب العقول، والأذن الواعية.. وكلما يكون الأستاذ أرفع درجة وأرقى مرتبة، وتكون مادة الدرس أدق وأعمق يكون توفر هذه الشروط في الطالب ألزم وآكد.. فما ظنك بمن يريد التعلم من النبي صلى الله عليه وآله وسلم والأخذ من علومه؟!
نعم.. لقد أخذ من النبي صلى الله عليه وآله أصحابه، كل على قدر ملازمته له واستيعابه لما يلقيه ووعيه لما يقوله.. إذ كان فيهم من إذا رأوا تجارة انفضوا إليها وتركوه، ومن كان يلهيه الصفق بالأسواق، ومن كان يسأله عن التافهات، ومن كان لا يفهم ما يقول.. حتى لقد جهل بعض أكابرهم أبسط المعارف وأوليات الأحكام..
* * * وكان علي عليه السلام.. من علم أهل العالم بموضعه من رسول الله صلى الله عليه وآله " بالقرابة القريبة والمنزلة الخصيصة " " يتبعه اتباع الفصيل أثر أمه " " إذا سأله أعطاه وإذا سكت ابتدأه " وكان " الأذن الواعية " (1).. فكان كما قال: ".. علم الغيب الذي لا يعلمه أحد إلا الله. وما سوى ذلك فعلم علمه الله نبيه فعلمنيه ودعا لي بأن يعيه صدري وتضطم عليه جوانحي "..
وهكذا كان أعلم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، والآثار والدلائل على ذلك لا تحصى كثرة.. وهو ما شهد به الرسول الكريم والصحابة والتابعون:
فعن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال لفاطمة: " زوجتك خير أمتي، أعلمهم علما وأفضلهم حلما وأولهم سلما " (2).