محمد بن خازم الضرير عن الأعمش عن مجاهد عن ابن عباس رضي الله عنه، وعبد السلام هذا ضعفوه جدا واتهم بالرفض وهو مع ذلك صدوق، وقد روى عباس بن محمد الدوري في سؤالاته عن يحيى بن معين أنه سأله عن أبي الصلت هذا فوثقه، فقال: أليس قد حدث عن أبي معاوية حديث أنا مدينة العلم وعلي بابها؟ فقال: قد حدث به عن أبي معاوية محمد بن جعفر الفيدي، وكذلك روى صالح بن محمد الحافظ وأحمد بن محمد بن محرز عن يحيى بن معين أيضا، وفي رواية ابن محرز قال يحيى: هذا الحديث هو من حديث أبي معاوية، أخبرني ابن نمير قال: حدث به أبو معاوية قديما ثم كف عنه، وأبو الصلت الهروي كان رجلا موسرا يطلب هذه الأحاديث ويكرم المشايخ، يعني: فخصه أبو معاوية بهذا الحديث.
فقد برئ عبد السلام عن عهدة هذا الحديث من الألفاظ المنكرة التي تأباها العقول، بل هو مثل قوله صلى الله عليه وسلم: في حديث أرأف أمتي بأمتي أبو بكر الحديث.
وقد حسنه الترمذي وصححه غيره، ولم يأت من تكلم على حديث أنا مدينة العلم بجواب عن هذه الروايات الثابتة عن يحيى بن معين، والحكم بالوضع عليه باطل قطعا، وإنما سكت أبو معاوية عن روايته شائعا لغرابته لا لبطلانه، إذا لو كان كذلك لم يحدث به أصلا مع حفظه وإتقانه.
وللحديث طرق آخر رواه الترمذي في جامعه عن إسماعيل بن موسى الفزاري عن محمد بن عمر الرومي عن شريك بن عبد الله عن سلمة بن كهيل عن سويد بن غفلة عن أبي عبد الله الصنابحي عن علي رضي الله عنه: إن النبي صلى الله عليه وسلم قال: أنا دار الحكمة وعلي بابها، وتابعه أبو مسلم الكجي، وغيره على روايته عن محمد بن عمر الرومي، ومحمد هذا روى عنه البخاري في غيره الصحيح، ووثقه ابن حبان وضعفه، أبو داود، وقال الترمذي بعد سياق الحديث: هذا حديث غريب وقد روى بعضهم هذا عن شريك ولم يذكروا فيه