ويفعلون بما يؤمرون، واستحق بذاك منهم السجود له، فكما لا يصير العلم جهلا والعالم جاهلا فكذلك لم يصر آدم المفضل بالعلم مفضولا، وكذلك حال من فضل بالعلم، وأما من فضل بالعبادة فربما يصير مفضولا، لأن العابد ربما يسقط عن درجة العبادة إن تركها معرضا عنها، أو توانى فيها تغافلا منها فيسقط فضله، ولذلك قيل: بالعلم يعلو ولا يعلى، والعالم يزار ولا يزور، ومن ذلك وجوب الوصف لله سبحانه بالعلم والعالم وفساد الوصف له بالعبادة والعابد، ولذلك من على نبيه عليه السلام بقوله: (وعلمك ما لم تكن تعلم وكان فضل الله عليك عظيما) فعظم الفضل عليه بالعلم دون سائر ما أكرمه به من الخصال والأخلاق، وما فتح عليه البلاد والآفاق.
وكذلك المرتضى رضوان الله عليه، فضل بالعلم والحكمة ففاق بهما جميع الأمة ما خلا الخلفاء الماضين رضي الله عنهم أجمعين، ولذلك وصفه الرسول عليه السلام بهما حيث قال: يا علي ملئت علما وحكمة، وذكر في الحديث عن المرتضى رضوان الله عليه: إن النبي (ص) كان ذات ليلة في بيت أم سلمة فبكرت إليه بالغداة، فإذا عبد الله بن عباس بالباب، فخرج النبي صلى الله عليه وسلم إلى المسجد وأنا عن يمينه وابن عباس عن يساره فقال النبي عليه السلام:
يا علي ما أول نعم الله عليك؟ قال: أن خلقني فأحسن خلقي. قال: ثم ماذا؟
قال: أن عرفني نفسه، قال: ثم ماذا؟ قال قلت: وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها. قال: فضرب النبي صلى الله عليه وآله على كتفي وقال: يا علي ملئت علما وحكمة. ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم: أنا مدينة وعلي بابها، وفي بعض الروايات: أنا دار الحكمة وعلي بابها.
أخبرني شيخي محمد بن أحمد رحمه الله، قال حدثنا أبو سعيد الرازي، قال قرئ على أبي الحسن بن محمد بن مهرويه القزويني بها في الجامع وأنا اسمع، قال حدثنا أبو أحمد داود بن سليمان بن وهب الفراء قال حدثني علي بن موسى الرضا، قال حدثني أبي موسى بن جعفر عن أبيه جعفر بن محمد عن أبيه محمد بن علي عن