الثقفي..
وقال العيشي: ثنا الحماد أن ابن المبارك كان يتجر ويقول: لولا خمسة ما اتجرت، السفيانان وفضيل وابن السماك وابن عليه فيصلهم فقدم سنة فقيل له: قد ولي ابن علية القضاء فلم يأته ولم يصله، فركب ابن علية إليه فلم يرفع له رأسا فانصرف. فلما كان من غد كتب إليه رقعة يقول: قد كنت منتظرا لبرك وجئتك فلم تكلمني فما رأيته مني؟! فقال ابن المبارك: يأبى هذا الرجل إلا أن تقشر له العصا، ثم كتب إليه:
يا جاعل العلم له بازيا * يصطاد أموال المساكين احتلت للدنيا ولذاتها * بحيلة تذهب بالدين فصرت مجنونا بها بعد ما * كنت دواءا للمجانين أين رواياتك فيما مضى * عن ابن عوف وابن سيرين أين رواياتك في سردها * في ترك أبواب السلاطين إن قلت: أكرهت، فذا باطل * زل حمار العلم في الطين فلما وقف على هذه الأبيات قام من مجلس القضاء فوطئ بساط الرشيد وقال: الله؟ الله؟ ارحم شيبتي فإني لا اصبر على القضاء. قال: لعل هذا المجنون أغراك؟ ثم أعفاه ووجه إليه ابن المبارك بالبصرة. وقيل إن ابن المبارك إنما كتب إليه هذه الأبيات لما ولي صدقات البصرة، وهو الصحيح.
وقال علي بن خشرم: قلت لوكيع: رأيت ابن علية يشرب النبيذ حتى يحمل على الحمار يحتاج من يرده. فقال وكيع: إذا رأيت البصري يشرب النبيذ فاتهمه وإذا رأيت الكوفي يشرب فلا تتهمه. قلت: وكيف ذلك؟ قال:
الكوفي يشربه تدينا والبصري يتركه تدينا.
وقال الفضل بن زياد: سألت أحمد بن حنبل عن وهيب وابن علية، قال: وهيب أحب إلي: ما زال ابن علية وضيعا من الكلام الذي تكلم به إلى أن مات. قلت: أليس قد رجع وتاب على رؤوس الناس؟ قال: بلى - إلى أن قال: وكان لا ينصف بحديث الشفاعات.