الواجب على الصاحب أن يميز بين الجملتين من الكلام، ويعلم أنه ابتداء في كل واحدة منهما ابتدأ عطف باقي الجملة عليه، دون غير، وأن بكرا في الجملة الثانية معطوف على خالد، كما أن عمرا في الجملة الأولى معطوف على زيد.
ولو ذهب هذا المأمور إلى أن بكرا معطوف على عمر، لكان قد انصرف عن الحقيقة ومفهوم الكلام في ظاهره، وتعسف تعسفا صرف به الأمر عن مراد الآمر به، فأداه ذلك إلى إكرام من أمر بضربه.
ووجه آخر، وهو أن القراءة بنصب الأرجل غير موجبة أن تكون معطوفة على الأيدي، بل تكون معطوفة على الرؤوس في المعنى دون اللفظ، لأن موضع الرؤوس نصب، لوقوع الفعل الذي هو المسح، وإنما انجرت بعارض وهو الباء، والعطف على الموضع دون اللفظ جائز مستعمل في لغة العرب، ألا تراهم يقولون:
مررت بزيد وعمرا، ولست بقائم ولا قاعدا، قال الشاعر:
معاوي إننا بشر فاسحج * فلسنا بالجبال ولا الحديدا والنصب في هذه الأمثلة كلها إنما هو العطف على الموضع دون اللفظ، فيكون على هذا من قرأ الآية بنصب الأرجل، كمن قرأها بجرها، وهي في القرآن جميعا معطوفة على الرؤوس التي هي أقرب إليها في الذكر من الأيدي، ويخرج ذلك عن طريق التعسف، ويجب المسح بهما جميعا والحمد لله.
وشئ آخر وهو: أن حمل الأرجل في النصب على أن تكون معطوفة على الرؤوس أولى من حملها على أن تكون معطوفة على الأيدي، وذلك أن الآية قد قرئت بالجر والنصب معا، والجر موجب للمسح، لأنه عطف على الرؤوس، فمن جعل النصب إنما هو لعطف الأرجل على الأيدي، أوجب الغسل وأبطل القراءة بالجر الموجب للمسح، ومن جعل النصب إنما هو لعطف الأرجل على موضع