بأعيانهما، فيكون للآية قراءتان مفيدة لكلا الأمرين؟
قلنا: أنكرنا ذلك لأنه انصراف عن ظاهر القرآن والتلاوة إلى التجوز والاستعارة من غير أن تدعو إليه ضرورة، ولا أوجبته دلالة، وذلك خطأ لا محالة.
والظاهر يتضمن ذكر الأرجل بأعيانها، فوجب أن يكون المسح متعلقا بها دون غيرها، كما أنه يتضمن ذكر الرؤوس، وكان الواجب المسح بها أنفسها دون أغيارها، ولا خلاف في أن الخفاف لا يعبر عنها بالأرجل، كما أن العمائم لا يعبر عنها بالرؤوس، ولا البراقع بالوجوه، فوجب أن يكون الغرض متعلقا بنفس المذكور دون غيره على جميع الوجوه.
ولو شاع سوى ذلك في الأرجل حتى تكون هي المذكورة والمراد من سواها، لشاع نظيره في الوجوه والرؤوس، ولجاز أيضا أن يكون قوله سبحانه:
* (إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله، ويسعون في الأرض فسادا أن يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف) * (1) محمولا على غير الأبعاض المذكورة.
ولا خلاف في أن هذه الآية دالة بظاهرها على قطع الأيدي والأرجل بأعيانها، وأنه لا يجوز أن ينصرف عن دليل التلاوة وظاهرها، فكذلك آية الطهارة لأنها مثلها.
فإن قيل: إن عطف الأرجل على الأيدي أولى من عطفها على الرؤوس لأجل أن الأرجل محدودة كاليدين، وعطف المحدود على المحدود أشبه بترتيب الكلام.