ودليلنا على أن فرضهما المسح قول الله تعالى: * (يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق، وامسحوا برؤوسكم وأرجلكم إلى الكعبين...) * (1).
فتضمنت الآية جملتين، صرح فيهما بحكمين، بدأ في الجملة الأولى بغسل الوجوه، ثم عطفت الأيدي عليها، فوجب لها من الحكم بحقيقة العطف مثل حكمها.
ثم بدأ في الجملة الثانية بمسح الرؤوس، ثم عطف الأرجل عليها، فوجب أن يكون لها من الحكم بحقيقة العطف مثل حكمها، حسبما اقتضاه العطف في الجملة التي قبلها. (2) ولو جاز أن يخالف في الجملة الثانية بين حكم الرؤوس والأرجل المعطوفة عليها، لجاز أن يخالف في الجملة الأولى بين حكم الوجوه والأيدي المعطوفة عليها، فلما كان هذا غير جائز كان الآخر مثله، فعلم وجوب حمل كل عضو معطوف في جملة على ما قبله، وفيه كفاية لمن تأمله.
فإن قال قائل: إنا نجد أكثر القراء يقرأون الآية بنصب الأرجل، فيكون الأرجل في قراءتهم معطوفة على الأيدي، وذلك موجب للغسل.