صحيحه، وتكلم فيه ابن معين، لو كان صحيحا لأخرجه البخاري مع شدة الحاجة إليه وكونه أصلا من أصول الإسلام، ولو صح عنده - عند البخاري - لم يصبر عن إخراجه والاحتجاج به، قالوا: ولو صح هذا الحديث لم يخف على ابن مسعود، حتى يروي أنهم فعلوها ويحتج بالآية [الآية: * (يا أيها الذين آمنوا لا تحرموا...) *] وأيضا لو صح لم يقل عمر إنها كانت على عهد رسول الله وأنا أنهى عنها وأعاقب، بل كان يقول: إنه (صلى الله عليه وآله وسلم) حرمها ونهى عنها. قالوا: ولو صح لم تفعل على عهد الصديق وهو عهد خلافة النبوة حقا.
فظهر أن هذا القول - أي القول بأن التحريم منه لا من الرسول - قول طائفة من العلماء، وهؤلاء لا يعتبرون الأحاديث الدالة على تحريم رسول الله المتعة في بعض المواطن، كما سنقرأ تلك الأحاديث في القول الثالث، وقالوا بأن المحرم هو عمر، لكن تحريمه لا مانع منه وأنه سائغ وجائز، بل هو سنة، ورسول الله أمر باتباع سنة الخلفاء الراشدين من بعده وهو منهم.
مناقشة الوجه الثاني:
في هذا الوجه اعتراف وإقرار بما يدل عليه كلام عمر حيث يقول: وأنا أنهى، وليس فيه أي تمحل وتكلف، أخذ بظاهر عبارته الصريحة في معناها، لكن في مقام التوجيه لا بد ينتهي الأمر إلى رسول الله، وقد انتهى الأمر إلى رسول الله على ضوء الحديث المذكور.
فرسول الله يقول: كل ما سنه الخلفاء من بعده، فتلك السنة واجبة الاتباع، واجبة الامتثال والتطبيق، فحينئذ يتم التحريم، إذ أنه ينتهي إلى التشريع، إلى الله والرسول.
لكن يتوقف هذا الاستدلال على تمامية حديث: " عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي " أن يتم هذا الحديث سندا ودلالة.
أما سندا، فلا بد أن يتم سنده ويكون معتبرا وتوثق رجاله على أساس كلمات علماء الجرح والتعديل من أهل السنة على الأقل.