الحكم عنده وحده إلى أن أعلن عنه في أواخر أيام حياته.
مناقشة الوجه الأول:
أولا: إنه يقول: وأنا أنهى عنهما، ولا يقول بأن رسول الله نسخ هذا الحكم وحرمه وإني أحرم المتعة لتحريم رسول الله، يقول: أنا أنهى عنهما وأعاقب عليهما.
وثانيا: هل يرتضي الفخر الرازي ويرتضي النووي - لا سيما الرازي الذي يقول: لم يبق إلا أن يقال، الفخر الرازي الذي يعترف بعدم تمامية الوجوه الأخرى وأن الوجه الصحيح عنده هذا الوجه، ولا طريق آخر لحل المشكلة - أن يكون الحكم الشرعي هذا لم يبلغ أحدا من الصحابة، ولم يبلغه رسول الله إلى أحد منهم، وإنما باح (صلى الله عليه وآله وسلم) به إلى عمر بن الخطاب فقط، وبقي عنده، وحتى أن عمر نفسه لم ينقل هذا الخبر عن رسول الله في تمام هذه المدة؟ وما الحكمة في إخفاء هذا الحكم عن الأمة إلا عن عمر، حتى أظهره في أخريات أيامه؟
مضافا، إلى أن رجلا اسمه عمران بن سواده، يخبر عن عمر بن الخطاب عما يقول الناس فيه، أي عن اعتراضات الناس وانتقاداتهم على عمر، يبلغه بتلك الأمور، يقول له:
عابت أمتك منك أربعا:... وذكروا أنك حرمت متعة النساء وقد كانت رخصة من الله، نستمتع بقبضة ونفارق عن ثلاث.
فالناس كلهم كانوا يتكلمون فيه، وقد أبلغ هذا الرجل كلام الناس إليه، فانظروا إلى جوابه:
قال عمر: إن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أحلها في زمان ضرورة ثم رجع الناس إلى سعة.
فكان رأيا منه ولم يكن رأيا من رسول الله حتى يقول الفخر الرازي بأن هذا الحكم الشرعي ما سمع به إلا هذا الشخص وبقي عنده حتى أعلن عنه.