أما النسفي، فلو تراجعون تفسيره في ذيل الآية المباركة يقول هكذا: قد صح أن النبي رأى قوما يمسحون على أرجلهم فقال: " ويل للأعقاب من النار " (1) وكم فرق بين هذا اللفظ ولفظ مسلم.
أما في مسند أحمد وتبعه الزمخشري في الكشاف، فجعلوا كلمة الوضوء بدل المسح.
ففي صحيح مسلم يقول: فانتهينا إليهم وأعقابهم تلوح لم تمسها الماء.
يقول أحمد في المسند وفي الكشاف ينقل: وعن ابن عمرو بن العاص كنا مع رسول الله فتوضأ قوم وأعقابهم بيض تلوح فقال: " ويل للأعقاب من النار " (2).
قارنوا بين اللفظين لتروا كيف يحرفون الكلم عن مواضعها متى ما كانت تضرهم.
الاستدلال بحديث كيفية وضوء رسول الله ومناقشته:
وأما الحديث الثاني، الحديث الذي يروونه في كيفية وضوء رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، استدلوا به على الغسل دون المسح، وهو الحديث الذي يرويه حمران عن عثمان بن عفان.
فظهر أن الحديث الذي يروونه عن حمران عن عثمان بن عفان يروونه على شكلين:
تارة يدل على المسح، وتارة يدل على الغسل، والسند نفس السند والراوي حمران نفسه.
لاحظوا في البخاري: حدثنا عبد العزيز بن عبد الله الأويسي، حدثني إبراهيم بن سعد، عن ابن شهاب - هذا الزهري - أن عطاء بن يزيد أخبره: أن حمران مولى عثمان أخبره: أنه رأى عثمان بن عفان دعا بإناء فأفرغ على كفه ثلاث مرات فغسلهما، ثم أدخل يمينه في الإناء فمضمض واستنشق، ثم غسل وجهه ثلاثا ويديه إلى المرافق ثلاث مرات، ثم مسح برأسه ثم غسل رجليه [والحال قرأنا: مسح رجليه] ثم غسل رجليه ثلاث مرار إلى الكعبين، ثم قال: قال رسول الله: " من توضأ نحو وضوئي هذا ثم صلى ركعتين لا يحدث فيهما نفسه، غفر الله ما تقدم من ذنبه ".