يتحدث عنك: بينما أبو بكر جالس إذ طلع علي، فلما رآه قال: من سره أن ينظر إلى أعظم الناس منزلة (من رسول الله (صلى الله عليه وسلم)) وأقربهم قرابة، وأفضلهم حالة، وأعظمهم حقا عند رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فلينظر إلى هذا الطالع (1) فإذا كنت تعترف للإمام (عليه السلام) بهذه المنزلة عند رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فأية صفة من الفضائل الإنسانية كانت فيك ولم تكن فيه حتى صرت أحق بالخلافة منه يا أبا بكر؟ هب أن حب الجاه والمقام أنساك ذاك، واتباع الشيطان الذي كان يعتريك أحيانا حسب اعترافك صدك عن الحق وأغراك، فلماذا نصصت على عمر بالخلافة من بعدك؟
وأنت وأتباعك وأولياؤك تزعمون أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) مضى ولم ينص على أحد من بعده يقوم مقامه، فكيف خالفت سنة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) حسب زعمك وأنت تبدي للناس خوفك من الله في جمع القرآن في مصحف، لأن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لم يأمر بذلك، ولم يعهد فيه عهدا، وأنه مضى ولم يعين أحدا للخلافة من بعده وهنا تصر على استخلاف عمر من بعدك مع كراهية المسلمين عمر؟
يقول ابن قتيبة: دخل عليه (أي عليك يا أبا بكر) المهاجرون والأنصار حين بلغهم أنه استخلف عمر، فقالوا: نراك استخلفت علينا عمر وقد عرفته وعلمت بوائقه (2) فينا وأنت بين أظهرنا فكيف إذا وليت عنا، وأنت لاق الله عز وجل فسائلك، فما أنت قائل؟... (3) حقا يا أبا بكر فما أنت قائل؟ أتراك معذورا عند الله تعالى وعند رسوله (صلى الله عليه وآله وسلم) إذا أتيتهما غدا وأنت مستبد برأيك يا أبا بكر؟