أن عمر أشار عليهم بذلك، وتبعه جماعة من الصحابة، فجمع أبو بكر القرآن في مصحف (1) وذكر محمد محمد عبد اللطيف ابن الخطيب (2) أن عمر بن الخطاب جاء إليك (بعد واقعة اليمامة) فقال لك: إن القتل استحر (3) في قراء القرآن يوم اليمامة، وإني أخشى أن يستحر القتل بالقراء في المواطن كلها، فيذهب قرآن كثير، وإني أرى أن تجمع القرآن. فأجبته قائلا: كيف نصنع شيئا لم يأمرنا فيه رسول الله (صلى الله عليه وسلم) بأمر، ولم يعهد إلينا فيه عهدا؟
فقال لك عمر: فهو والله خير (يعني اتباعك رأيي هذا خير من أن تقف عند أمر لم يأمر فيه رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بأمر، ولم يعهد فيه عهدا) ولم يزل بك حتى صرفك عن رأيك إلى رأيه.
فإن كنت يا أبا بكر تخشى الله تعالى، وحق لك أن تخشاه، فإنه شديد العقاب، وعذابه هو العذاب الأليم، فقلت: كيف نصنع شيئا لم يأمر نافيه رسول الله بأمر، ولم يعهد إلينا فيه عهدا. فادعاؤك الخلافة، وقيامك مقام رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) كان بعهد عهده إليك رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)؟ أم بعهد عهده إلى المسلمين ليختارونك للخلافة من بعده فأجبتهم إلى ذلك يا عتيق؟ روى ابن أبي الحديد المعتزلي (حشره الله معك يوم القيامة أينما كنت) أن رجلا لما بلغه توليك الخلافة قال لك: ألست أمرتني أن لا أتأمر على اثنين؟ قلت: بلى. قال: فما بالك؟ فقلت في جوابه: لم أجد لها أحدا غيري أحق مني (4) هذا، وقد روى ابن حجر الهيتمي نقلا عن الدارقطني عن الشعبي أنه قال وهو