ثم التفت علي عليه السلام المنتصر إلى صاحبيه أيمن وأبي واقد، وقال لهما: " أطلقا مطاياكم "، ثم واصل السير، حتى وصل ضجنان فنزل بها، ثم أقام يومه وليلته، فلحقت به أم أيمن، ونفر من المستضعفين، وراح ركب علي وفاطمة عليهما السلام الظافر يستحث الخطى، وشوقه إلى لقاء رسول الله صلى الله عليه وآله أكثر سرعة وعجالة.
فرسول الله صلى الله عليه وآله قد وصل يثرب وحل بقبا، فأقام فيها ينظر وصول علي وفاطمة عليهما السلام، ومن صاحب الركب النبوي المهاجر، أقام - بقبا - وكان يقول لأبي بكر الذي طلب منه الدخول إلى المدينة: " ما أنا بداخلها، حتى يقدم ابن عمي وابنتي " (1).
لقد عظم هذا الموقف في نفس رسول الله صلى الله عليه وآله كما كان عظيما عند الله سبحانه، ونزول القرآن فيه وصفا وتعظيما: * (فالذين هاجروا وأخرجوا من ديارهم وأوذوا في سبيلي وقاتلوا وقتلوا لأكفرن عنهم سيآتهم ولأدخلنهم جنات تجري من تحتها الأنهار ثوابا من عند الله والله عنده حسن المآب) * (2).
وتحل فاطمة عليها السلام بدار هجرتها، وتنضم إلى بيت أبيها المتواضع في أرض الإسلام الجديدة، فتنعم بعنايته وحبه هناك.
تقول عائشة: وكانت إذا دخلت على رسول الله صلى الله عليه وآله قام إليها فقبلها وأجلسها في مجلسه، وكان النبي صلى الله عليه وآله إذا دخل عليها