الروض النضير في معنى حديث الغدير - فارس حسون كريم - الصفحة ٣٩٧
في غفلة من رقابة قريش، إنه خرج متحديا لقريش، مستهينا بخيلائها وعنتها، إنه يريد أن يضرب معنوياتها وكبرياءها بعزته الجهادية الفذة.
لذا فقد قررت قريش إرسال ثمانية من فرسانها لقتل علي عليه السلام، والتعرض لركب النبوة المهاجر، فيدركون عليا عليه السلام والركب قرب - ضجنان - ويأمر علي عليه السلام الرجلين الذين كانا معه أن يبتعدا بالإبل ويعقلاها، ثم تقدم هو إلى النسوة فأنزلهن، ويستقبل العصابة بسيفه، فيواجهونه بالكلمات الجارحة: أظننت - يا غدار - أنك ناج بالنسوة، ارجع، لا أبا لك؟ فقال علي عليه السلام: " فإن لم أفعل؟ " قالوا: لترجعن راغما، ودنوا من المطايا ليثوروها، فحال علي عليه السلام بينهم وبينها، فأهوى له جناح - مملوك لحرب بن أمية - فراغ عن ضربته، وضرب جناحا على عاتقه فقده نصفين، حتى دخل السيف إلى كتف فرسه، وشد على أصحابه، وهو على قدميه شدة ضيغم وهو يقول:
خلوا سبيل الجاهد المجاهد * آليت لا أعبد غير الواحد فتفرق القوم عنه، وقالوا: أحبس نفسك عنا يا ابن أبي طالب، فقال لهم:
" إني منطلق إلى أخي وابن عمي رسول الله صلى الله عليه وآله، فمن سره أفري لحمه، وأريق دمه فليدن مني " (1).
وهكذا فرت فرسان قريش، ولحقت بها أول هزيمة عسكرية يشتبك فيها مسلم مع قريش، فهي أول معركة تتخذ طابع المواجهة القتالية المسلحة بين المؤمنين والمشركين.

(1) سيرة المصطفى: 259 ط 1.
(٣٩٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 392 393 394 395 396 397 398 399 400 401 402 ... » »»
الفهرست