وأقام أمير المؤمنين عليه السلام بعد وقعة - الجمل - خمسين ليلة، ثم أقبل على الكوفة واستخلف ابن عباس على البصرة.
ولما خرج علي عليه السلام إلى " صفين " لحرب معاوية كتب إلى عماله يستفزهم، فكتب إلى ابن عباس وهو عامله على البصرة: " أما بعد، فاشخص إلي بمن قبلك من المسلمين والمؤمنين وذكرهم بلائي عندهم وعفوي عنهم في الحرب وأعلمهم الذي في ذلك من الفضل والسلام ".
فلما وصل كتابه إلى ابن عباس بالبصرة، قام في الناس، فقرأ عليهم الكتاب، وحمد الله وأثنى عليه.
وقال: أيها الناس، استعدوا للشخوص إلى إمامكم وانفروا خفافا وثقالا وجاهدوا بأموالكم وأنفسكم، فإنكم تقاتلون المحلين القاسطين الذين لا يقرؤون القرآن، ولا يعرفون حكم الكتاب، ولا يدينون دين الحق مع أمير المؤمنين عليه السلام وابن عم رسول الله صلى الله عليه وآله، الآمر بالمعروف والناهي عن المنكر، والصادع بالحق، والمقيم بالهدى، والحاكم بحكم الكتاب، الذي لا يرتشي في الحكم، ولا يداهن الفجار، ولا تأخذه في الله لومة لائم.
فقام إليه الأحنف بن قيس، فقال: نعم، والله لنجيبنك ولنخرجن معك على العسر واليسر والرضا والكره، نحتسب في ذلك الأجر، ونأمل به من الله العظيم حسن الثواب.
وأجابه سائر الناس إلى المسير، فاستعمل أبا الأسود الدؤلي على البصرة، وخرج حتى قدم على أمير المؤمنين عليه السلام بالنخيلة - وهي بضم النون -:
مصغر نخلة موضع من الكوفة على سمت الشام.