الروض النضير في معنى حديث الغدير - فارس حسون كريم - الصفحة ٣٠٨
فتركه وصار إلى عثمان فقال: إن اخترتك تسير فينا بسيرة - أبي بكر وعمر -؟ فقال: نعم، فاختاره وبايع له.
فانظر إلى هذا الحال، وما طالب به عبد الرحمان بن عوف، وما كان جواب علي عليه السلام في ذلك.
فإن كانت سيرة أبي بكر وعمر على كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وآله فما معنى ذهابه إلى سيرة أبي بكر وعمر؟ وإن كانت سيرة أبي بكر وعمر بخلاف كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وآله فكفى بذلك خزيا لمن طلبه، ولعمري، كانت كذلك بما أشرنا سابقا من بدعهما.
ثم رووا عنه بعد هذا كله: أنه جرى بينه وبين عثمان جدال بعد مدة من بيعته له.
فقال له عثمان: يا منافق، فقال له عبد الرحمان: ما ظننت أني أعيش إلى زمان تقول لي فيه: يا منافق، ثم حلف أنه لا يكلمه ما عاش، فبقي مهاجرا له طول حياته حتى مات (1).
هذا مع ما رووا جميعا: إن الرسول صلى الله عليه وآله قال: " لا يحل لمؤمن أن يهجر أخاه المؤمن أكثر من ثلاثة أيام "، فإن كان عثمان مؤمنا فقد خالف عبد الرحمان قول رسول الله صلى الله عليه وآله في مهاجرته لعثمان سنين حتى مات على ذلك من غير توبة منه، ومن قصد مخالفة الرسول جرى

(1) ومن الغريب ما ذكره المحب الطبري في " الرياض النضرة " - في ترجمة عبد الرحمان -: أنه مات وصلى عليه عثمان، وكان أوصى بذلك، ليت شعري كيف يوصي أن يصلي عليه عثمان وهو عدوه الألد؟! وابن حجر في " الإصابة " يروي صلاة الزبير بن العوام عليه.
(٣٠٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 303 304 305 306 307 308 309 310 311 312 313 ... » »»
الفهرست