أيتها الأمة المتحيرة في دينها، أما والله لو قدمتم من قدم الله، وأخرتم من أخر الله، وجعلتم الوراثة والولاية حيث جعلها الله ما عال سهم من فرائض الله، ولا عال ولي الله، ولا اختلف اثنان في حكم الله، فذوقوا وبال ما فرطتم فيه بما قدمت أيديكم، وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون.
وروي: أنه لما خرج الحسين من مكة إلى العراق ضرب عبد الله بن عباس بيده على منكب ابن الزبير:
يا لك من قبرة بمعمر * خلالك الجو فبيضي واصفري ونقري ما شئت أن تنقري * هذا الحسين سائر فأبشري خلى الجو والله لك يا ابن الزبير، سار الحسين عليه السلام إلى العراق فقال ابن الزبير: يا بن عباس، والله ما ترون هذا الأمر إلا لكم، ولا ترون إلا أنكم أحق به من جميع الناس.
فقال ابن عباس: إنما يرى من كان في شك، ونحن من ذلك على يقين، ولكن أخبرني عن نفسك بماذا تروم هذا الأمر.
قال: بشرفي.
قال: بماذا شرفت إن كان لك شرف، فإنما هو بنا، فنحن أشرف منك لأن شرفك منا. وعلت أصواتهما، فاعترض بينهما رجال من قريش فأسكتوهما.
وأخرج النسائي في " صحيحه "، عن أبي مليكة، قال: كان بين ابن عباس وبين ابن الزبير شئ، فغدوت على ابن عباس، فقلت: أتريد أن تقاتل ابن الزبير فتحل حرم الله، فقال: معاذ الله، أن الله كتب " ابن الزبير " و " بني أمية " محلين