قال: فأراقت دمعتها وأبدت عويلها وتبدي نشيجها.
ثم قالت: أخرج والله عنكم فما في الأرض بلد أبغض إلي من بلد أنتم فيه.
فقال ابن عباس: فلم والله ماذا بلاؤنا عندك؟ ولا صنيعنا إليك، إنا جعلناك للمؤمنين أما، وأنت بنت أم رومان، وجعلنا أباك صديقا، وهو ابن أبي قحافة.
فقالت: يا ابن عباس، تمنون علي برسول الله صلى الله عليه وآله؟
فقال: ولم لا نمن عليك، لو كان منك قلامة منه مننتنا به، ونحن لحمه ودمه ومنه وإليه، وما أنت إلا حشية من تسع حشايا خلفهن بعده، لست بأبيضهن لونا، ولا بأحسنهن وجها، ولا بأرشحهن عرقا، ولا بأنضرهن ورقا، ولا بأطراهن أصلا، فصرت تأمرين فتطاعين، وتدعين فتجابين.
وما مثلك إلا كما قال أخو بني فهر:
مننت على قومي فأبدوا عداوة * فقلت لهم: كفوا العداوة والنكرا ففيه رضا من مثلكم لصديقه * وأحجى بكم أن تجمعوا البغي والكفرا قال: ثم نهضت وأتيت أمير المؤمنين عليه السلام فأخبرته بمقالتها، وما رددت عليها، فقال عليه السلام: " أنا أعلم بك حيث بعثتك ".
وروي أن أمير المؤمنين عليه السلام لما أرسل ابن عباس إلى الزبير، قال: " من كان له ابن عم مثل ابن عباس فقد أقر الله عينه ".