الوصايا الثمينة التي كان يلقيها عليها النبي صلى الله عليه وآله من حين لآخر، ومضت على غلوائها فكان ما كان من تفريق الكلمة وتشتيت الشمل وقتل النفوس البريئة التي حرم الله قتلها، ولقد كان النبي صلى الله عليه وآله ناظرا لهذه الفتنة وعالما بما سيؤول إليه حال هذه الأمة.
فهذا البخاري يحدثنا، فيقول: قام النبي صلى الله عليه وآله خطيبا، فأشار نحو مسكن عائشة، فقال: " هاهنا الفتنة ثلاثا من حيث يطلع قرن الشيطان " (1).
وروى مسلم أيضا، قال: خرج رسول الله صلى الله عليه وآله من بيت عائشة، فقال: " رأس الكفر من هاهنا من حيث يطلع قرن الشيطان " (2).
ولما كانت ثمار هذه الحرب قد جناها معاوية، ثم آل أمية كافة، فمنهم بين خليفة أو محسوب على الخليفة، وقد سن لهم " عثمانهم " سنة المحسوبية.
لذا فقد قام بحملة مسعورة أظهر فيها قادة هذه الحرب بمظهر سام قد يفوق الشهداء بين يدي الرسول صلى الله عليه وآله، كما أن الذي يجلب الانتباه إلى أكثر هذه الأحاديث التي اشتراها معاوية وحزبه من باعة الأخبار تنسب إلى الإمام علي عليه السلام، فمن ذلك مثلا:
أبو بكر بن أبي شيبة: سئل علي عن أصحاب الجمل، أمشركون هم؟ قال:
" من الشرك فروا "، قال: فمنافقون هم؟ قال: " إن المنافقين لا يذكرون الله إلا قليلا "، قال: فما هم؟ قال: " إخواننا بغوا علينا " (3).