وكان ممن تكلم في ذلك اليوم سهل بن حنيف، فإنه قام فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: يا أمير المؤمنين، نحن كف يمينك، وقد رأينا رأيك، أن تقوم في هذا الأمر بأهل الكوفة، وتأمرهم بالشخوص، وتخبرهم بما صنع الله لهم في ذلك من الفضل، فإنهم هم أهل البلد، وأهل الناس، فإن استقاموا لك استقام لك ما تريد وتطلب.
وأما نحن فليس عليك منا خلاف، متى دعوتنا أجبناك؟ ومتى أمرتنا أطعناك؟
وروى أبو مخنف قال: لما نزل علي عليه السلام ذا قار كتبت عائشة من البصرة إلى حفصة بنت عمر، وهي بالمدينة: أما بعد، فإني أخبرك أن عليا عليه السلام نزل ذا قار وأقام بها مرعوبا لما بلغه من عدتنا وجماعتنا، فهو بمنزلة الأشتر، إن تقدم عقر، وإن تأخر نحر.
فدعت " حفصة " جواري لها يغنين، ويضربن بالدفوف، فأمرتهن أن يقلن في غنائهن:
ما الخبر ما الخبر علي في سفر * كالفرس الأشتر إن تقدم عقر وإن تأخر نحر وجعلت بنات الطلقاء يدخلن على " حفصة " ويجتمعن لسماع ذلك الغناء.
فبلغ أم كلثوم بنت علي عليه السلام فلبست جلابيبها، ودخلت عليهن في نسوة منكرات، ثم أسفرت عن وجهها، فلما عرفتها حفصة خجلت واسترجعت.