دعيت فأجيب، وإني تارك فيكم الثقلين أحدهما أكبر من الآخر: كتاب الله عز وجل حبل ممدود من السماء إلى الأرض، وعترتي أهل بيتي، فانظروا كيف تخلفوني فيهما (1).
لأم سلمة نهج خاص في حياتها مع الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله، فهي قبل أن تدخل بيته مشبعة بتعاليم الإسلام وبالحب لله ورسوله صلى الله عليه وآله، فهي قرينة رجل في طليعة المسلمين السابقين، هاجرت معه إلى الحبشة، وتحملت المشاق في سبيل إعلاء كلمة الله، وقد زادها الاقتران بالرسول صلى الله عليه وآله إيمانا وبصيرة، فهي حريصة على العمل بما يرضيه وتجنب ما يسخطه، وهي حريصة على حب من يحب وبغض من يبغض، وهي حريصة على استماع حديثه الشريف، فهي منصهرة به صلى الله عليه وآله انصهارا كليا، وهي عارفة بمكانتها ومكانة صويحباتها، وأنهن زوجات أعظم رجل خلقه الله سبحانه وتعالى.
لهذا وغيره ساءها أن يتدخل بعض الصحابة في شؤونهن المتعلقة بزوجهن العظيم، فقد وقعت بينها وبين عمر بن الخطاب مشادة، وذلك أن عمر دخل على أم سلمة، فقال: يا أم سلمة، وتكلمن رسول الله وتراجعنه في شئ؟
فقالت أم سلمة: وا عجباه! وما لك والدخول في أمر رسول الله ونسائه، والله إنا لنكلمه فإن حمل ذلك كان أولى به، وإن نهانا كان أطوع عندنا منك، قال عمر:
فندمت على كلامي لنساء النبي لما قلت (2).