وليس هذا إخبارا عن جميع الأمة، بل قد تواتر عنه أنه قال: لا تزال طائفة من أمتي ظاهرة على الحق حتى تقوم الساعة....
ومن الأمور التي نهى النبي صلى الله عليه وسلم عنها وحذر أمتها من فعلها إقامة المساجد على القبور، وبين أن ذلك من فعل أهل الكتب مثل قوله الذي رواه مسلم في صحيحه عن جندب بن عبد الله، قال سمعت النبي صلى الله عليه وسلم قبل أن يموت بخمس وهو يقول: إن من كان قبلكم كانوا يتخذون القبور مساجد ألا فلا تتخذوا القبور مساجد فإني أنهاكم عن ذلك.
وقال: لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد.
وقد اتفق أئمة الإسلام على أنه لا يشرع بناء هذه المشاهد على القبور، ولا يشرع اتخاذها مساجد ولا يشرع الصلاة عندها ولا يشرع قصدها لأجل التعبد عندها بصلاة أو اعتكاف أو استغاثة أو ابتهال أو نحو ذلك...
وإنما دين الله تعظيم بيوت الله وحده لا شريك له، وهي المساجد التي تشرع فيها الصلاة جماعة وغير جماعة والاعتكاف وسائر العبادات البدنية والقلبية من القراءة والذكر والدعاء لله...
متى ظهر في المسلمين بناء المشاهد على القبور:
وأما اتخاذ القبور أوثانا فهو دين المشركين الذي نهى عنه سيد المرسلين، ولم يكن على عهد الصحابة والتابعين وتابعيهم من ذلك شئ في بلاد الإسلام لا في الحجاز ولا اليمن ولا الشام ولا العراق ولا مصر ولا خراسان ولا المغرب. ولم يكن قد أحدث مشهد لا على قبر نبي ولا صاحب ولا أحد من أهل البيت، ولا صالح أصلا. بل عامة هذه المشاهد محدثة بعد ذلك، وكان ظهورها وانتشارها حين ضعفت خلافة بني العباس وتفرقت الأمة وكثر فيهم