النبي صلى الله عليه وسلم يفتي ويأمر وينهى ويقضي ويخطب، كما كان يفعل ذلك إذا خرج هو وأبو بكر يدعو الناس إلى الإسلام لما هاجرا جميعا، ويوم حنين، وغير ذلك من المشاهد! والنبي صلى الله عليه وسلم ساكت يقره على ذلك ويرضى بما يقول، ولم تكن هذه المرتبة لغيره. وكان النبي صلى الله عليه وسلم في مشاورته لأهل العلم والفقه والرأي من أصحابه يقدم في الشورى أبا بكر وعمر فهما اللذان يتقدمان في الكلام والعلم بحضرة الرسول عليه السلام على سائر أصحابه، مثل قصة مشاورته في أسرى بدر أول من تكلم في ذلك أبو بكر وعمر، وكذلك غير ذلك.
وقد روى في الحديث أنه قال لهما: إذا اتفقتما على أمر لم أخالفكما، ولهذا كان قولهما حجة في أحد قولي العلماء، وهو إحدى الروايتين عن أحمد، وهذا بخلاف قول عثمان وعلي.
وفي السنن عنه أنه قال: اقتدوا باللذين من بعدي أبي بكر وعمر، ولم يجعل هذا لغيرهما. بل ثبت عنه أنه قال: عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي، تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور، فإن كل بدعة ضلالة. فأمر باتباع سنة الخلفاء الراشدين، وهذا يتناول الأئمة الأربعة، وخص أبا بكر وعمر بالاقتداء بهما. ومرتبة المقتدى به في أفعاله، وفيما سنه للمسلمين فوق سنة المتبع فيما سنه فقط...
وقد ثبت في الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: قد كان في الأمم قبلكم محدثون فإن يكن في أمتي أحد فعمر. وفي الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: رأيت كأني أتيت بقدح لبن فشربت حتى أني لأرى الري يخرج من أظفاري. ثم ناولت فضلي عمر. فقالوا: ما أولته