الحقائق، فما كانوا يسمعون آيات الله بجد، ولا ينظرون إلى الدلائل الساطعة للنبوة إلا من خلال الشك. (1) إلى هنا تم استعراض حال المنافقين بحال من أوقد نارا للاستضاءة، ولكن باءت مساعيه بالفشل.
ومما يدل على أن المنافقين آمنوا بالله ورسوله في بدء الأمر ثم طغى عليهم وصف النفاق، قوله سبحانه: (ذلك بأنهم آمنوا ثم كفروا فطبع على قلوبهم فهم لا يفقهون). (2) ومما يدل على أن الإسلام نور ينور القلوب والأنفس قوله سبحانه: (أفمن شرح الله صدره للإسلام فهو على نور من ربه فويل للقاسية قلوبهم من ذكر الله أولئك في ضلال مبين). (3) وأما الظلمة التي تحيط بهم بعد النفاق وتجعلهم صما بكما عميا، فالمراد ظلمات الضلال التي لا يبصرون فيها طريق الهدى والرشاد، يقول سبحانه: (والذين كفروا أولياؤهم الطاغوت يخرجونهم من النور إلى الظلمات أولئك أصحاب النار هم فيها خالدون). (4) وبذلك ظهر أن تفسير الظلمة التي يستعقبها إطفاء النور بظلمة القبر وحياة البرزخ وما بعدها من مواقف الحساب والجزاء غير سديد، وإن كان هناك ظلمة للمنافق لكنها من نتائج الظلمة الدنيوية.