نبأها به قالت من أنبأك هذا قال نبأني العليم الخبير).
وبما أن مستمع السر كمفشيه عاص، يعود سبحانه يندد بهما ويأمرهما بالتوبة، لأجل ما كسبت قلوبهما من الآثام، وأنه لو لم تكفا عن إيذاء النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، فاعلما أن الله يتولى حفظه ونصرته، وأمين الوحي معين له وناصر يحفظه، وصالح المؤمنين وخيارهم يؤيدونه، وبعدهم ملائكة الله من أعوانه.
كما يقول سبحانه: (إن تتوبا فقد صغت قلوبكما) أي مالت إلى الإثم، وإن تظاهرا عليه أي تعاونا على إيذاء النبي، فإن الله مولاه وجبرئيل وصالح المؤمنين والملائكة بعد ذلك ظهير.
هاتان الآيتان توقفنا على مكانة الزوجتين من القيام بوظائف الزوجية، حيث إن حفظ الأمانة من واجب الزوجة حيال زوجها، كما أن الآية الثانية تعرب عن مكانتهما عند الله سبحانه حيث تجعلهما على مفترق الطرق: إما التوبة لأجل الإثم، وإما التمادي في غيهما وإحباط كل ما تهدفان إليه، لأن له أعوانا مثل ربه والملائكة وصالح المؤمنين.
وبما أن السورة تكفلت بيان تلك القصة ناسب أن يمثل سبحانه حالهما بزوجتين لرسولين أذاعتا سرهما وخانتاهما. إذ لم تكن خيانتهما خيانة فجور لما ورد: ما بغت امرأة نبي قط، وإنما كانت خيانتهما في الدين.
قال ابن عباس: كانت امرأة نوح كافرة تقول للناس: إنه مجنون، وإذا آمن بنوح أحد أخبرت الجبابرة من قوم نوح، كما أن امرأة لوط دلت على أضيافه.
وعلى كل حال فقد شاركت هذه الزوجات الأربع في إذاعة أسرار أزواجهن، وبذلك صرن نموذجا بارزا للخيانة.
وقد كن يتصورن أن صلتهن بالرسل تحول دون عذاب الله، ولم يقفن