المعلوم أن فرعون لم يتخذه لتلك الغاية وإنما اتخذه ليكون ولدا له، كما في قول امرأته: ﴿لا تقتلوه عسى أن ينفعنا أو نتخذه ولدا وهم لا يشعرون﴾ (١) ولكن ترتبت تلك النتيجة على عملهم شاءوا أم أبوا.
وهكذا المقام حيث أخذت الطائفتان أي الذين في قلوبهم مرض والكافرين بالاستهزاء، وقالوا: (ماذا أراد الله بهذا مثلا).
وقد فسر قوله: (الذين في قلوبهم مرض) بالمنافقين، كما فسروا الكافرين بالمتظاهرين بالكفر من المشركين، غير أن هنا سؤال، وهو أن السورة مكية ولم تكن هناك ظاهرة النفاق وإنما بدأت بالمدينة.
ولكن لا دليل على عدم وجود النفاق بمكة، إذ ليس الخوف سببا منحصرا للنفاق، فهناك علل أخرى وهي الإيمان لأجل العصبية والحمية أو غير ذلك. يقول العلامة الطباطبائي: لا دليل على انتفاء سبب النفاق في جميع من آمن بالنبي بمكة قبل الهجرة وقد نقل عن بعضهم أنه آمن ثم رجع أو آمن عن ريب ثم صلح.
على أنه تعالى يقول: ﴿ومن الناس من يقول آمنا بالله فإذا أوذي في الله جعل فتنة الناس كعذاب الله ولئن جاء نصر من ربك ليقولن إنا كنا معكم أوليس الله بأعلم بما في صدور العالمين * وليعلمن الله الذين آمنوا وليعلمن المنافقين﴾ (2) (3) ثم إنه سبحانه يختم الآية بقوله: (كذلك يضل الله من يشاء ويهدي من يشاء)، أي الحقائق الناصعة والآيات الواضحة تتلقاها القلوب المختلفة تلقيا