وكبر الجسم وقوة المقاومة قبال النوازل، لتأثر وتصدع من خشية الله، فإذا كان هذا حال الجبل، فالإنسان أحق بأن يخشع لله إذا تلا آياته.
فما أقسى قلوب هؤلاء الكفار وأغلظ طباعهم حيث لا يتأثرون بسماع القرآن واستماعه وتلاوته.
ثانيهما: إن كل من له حظ في الوجود فله حظ من العلم والشعور، ومن جملتها الجبال فلها نوع من الإدراك والشعور، كما قال سبحانه: (وإن من الحجارة لما يتفجر منه الأنهار وإن منها لما يشقق فيخرج منه الماء وإن منها لما يهبط من خشية الله). (1) فعلى هذا، فمعنى الآية أن هذا القرآن لو نزل على جبل لتلاشى وتصدع من خشية الله، غير أنه لم ينزل عليه.
وعلى كلا المعنيين، فليست الآية من قبيل التمثيل أي تشبيه شئ بشئ، بل من قبيل وصف القرآن وبيان عظمته بما يحتوي من الحقائق والأصول، وإنها على الوصف التالي: " لو أنزلناه على جبل لصار كذا وكذا ".
نعم يمكن أن يعد لازم معنى الآية من قبيل التشبيه، وهو أنه سبحانه يشبه قلوب الكفار والعصاة الذين لا يتأثرون بالقرآن بالجبل والحجارة، وأن قلوبهم كالحجارة لو لم تكن أكثر صلابة، بشهادة أن الحجارة يتفجر منها الأنهار أو تهبط من خشية الله، فلأجل ذلك جعلنا الآية من قبيل التمثيل وإن كان بلحاظ المعنى الالتزامي لها.