الشيطان ووعوده الكاذبة ثم يتركه ويتبرأ منه، أو المراد شخص معين؟ وجهان.
فلو قلنا بالثاني، فقد وعد الشيطان قريشا بالنصر في غزوة بدر، كما يحكي عنه سبحانه، ويقول (وإذ زين لهم الشيطان أعمالهم وقال لا غالب لكم اليوم من الناس وإني جار لكم فلما تراءت الفئتان نكص على عقبيه وقال إني برئ منكم إني أرى ما لا ترون إني أخاف الله والله شديد العقاب). (1) وهناك قول ثالث، وهو أن الشيطان وعد عابدا من بني إسرائيل اسمه برصيصا حيث انخدع بالشيطان وكفر، وفي اللحظات الحاسمة تبرأ الشيطان منه. ذكر المفسرون أن برصيصا عبد الله زمانا من الدهر حتى كان يؤتى بالمجانين يداويهم و يعوذهم فيبرأون على يده، وأنه أتي بامرأة في شرف قد جنت وكان لها إخوة فأتوه بها، فكانت عنده، فلم يزل به الشيطان يزين له حتى وقع عليها، فحملت، فلما استبان حملها قتلها ودفنها، فلما فعل ذلك ذهب الشيطان حتى لقي أحد إخوتها، فأخبره بالذي فعل الراهب وأنه دفنها في مكان كذا، ثم أتى بقية إخوتها رجلا رجلا فذكر ذلك له، فجعل الرجل يلقى أخاه، فيقول: والله لقد أتاني آت فذكر لي شيئا يكبر علي ذكره، فذكر بعضهم لبعض حتى بلغ ذلك ملكهم، فسار الملك والناس فاستنزلوه فأقر لهم بالذي فعل، فأمر به فصلب، فلما رفع على خشبته تمثل له الشيطان، فقال: أنا الذي ألقيتك في هذا، فهل أنت مطيعي فيما أقول لك، أخلصك مما أنت فيه؟ قال: نعم، قال: اسجد لي سجدة واحدة، فقال: كيف أسجد لك وأنا على هذه الحالة، فقال: أكتفي منك بالإيماء فأوحى له بالسجود، فكفر بالله، وقتل الرجل. (2)