ألقى سبحانه المثل بصورة الاستفهام الإنكاري، وحاصله: هل ترضون لأنفسكم أن تكون عبيدكم وإماؤكم شركاء لكم في الأموال التي رزقناكم إياها على وجه تخشون التصرف فيها بغير إذن هؤلاء العبيد والإماء ورضا منهم، كما تخشون الشركاء الأحرار.
والجواب: لا، أي لا يكون ذلك أبدا ولا يصير المملوك شريكا لمولاه في ماله، فعندئذ يقال لكم: كيف تجوزون ذلك على الله، وأن يكون بعض عبيده المملوكين كالملائكة والجن شركاء له، إما في الخالقية أو في التدبير أو في العبادة.
والحاصل: أن العبد المملوك وضعا لا يصح أن يكون في رتبة مولاه على نحو يشاركه في الأموال، فهكذا العبد المملوك تكوينا لا يمكن أن يكون في درجة الخالق المدبر فيشاركه في الفعل، كأن يكون خالقا أو مدبرا، أو يشاركه في الصفة كأن يكون معبودا.
فالشئ الذي لا ترضونه لأنفسكم، كيف ترضونه لله سبحانه، وهو رب العالمين؟
وإلى ذلك المثل أشار، بقوله:
(ضرب الله لكم مثلا من أنفسكم) أي ضرب لكم مثلا متخذا من أنفسكم منتزعا من حالاتكم (هل لكم من ما ملكت أيمانكم من شركاء في ما رزقناكم) فقوله: (هل لكم) شروع في المثل المضروب، والاستفهام للإنكار، وقوله " ما " في (مما ملكت) إشارة إلى النوع أي من نوع ما ملكت أيمانكم من العبيد والإماء.
فقوله: (من شركاء فيما رزقناكم فأنتم فيه سواء) مبين للشركة، فقوله شركاء مبتدأ والظرف بعده خبره، أي شركاء فيما رزقناهم على وجه تكونون فيه سواء، وعلى ذلك يكون من في شركاء، زائدة.