الجرف " جرف الوادي جانبه الذي يتحفر أصله بالماء، وتجرفه السيول فيبقى واهيا.
قال الراغب: يقال للمكان الذي يأكله السيل فيجرفه، أي يذهب به، جرف هار البناء وتهور: إذا سقط، نحو: إنهار.
ذكر المفسرون إن بني عمرو بن عوف اتخذوا مسجد قباء، وبعثوا إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أن يأتيهم، فأتاهم وصلى فيه، فحسدهم جماعة من المنافقين من بني غنم بن عوف، فقالوا: نبني مسجدا فنصلي فيه ولا نحضر جماعة محمد وكانوا اثني عشر رجلا، وقيل خمسة عشر رجلا، منهم: ثعلبة بن حاطب، ومعتب بن قشير، ونبتل بن الحرث، فبنوا مسجدا إلى جنب مسجد قباء، فلما فرغوا منه، أتوا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وهو يتجهز إلى تبوك.
فقالوا: يا رسول الله إنا قد بنينا مسجدا لذي العلة والحاجة والليلة المطيرة والليلة الشاتية وإنا نحب أن تأتينا فتصلي فيه لنا وتدعو بالبركة.
فقال (صلى الله عليه وآله وسلم): " إني على جناح سفر، ولو قدمنا أتيناكم إن شاء الله فصلينا لكم فيه "، فلما انصرف رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) إلى تبوك نزلت عليه الآية في شأن المسجد.
إن الآية تشير إلى الفرق الشاسع بين من بنى بنيانا على أساس محكم، ومن بناه على شفا جرف، فالأول يبقى عبر العصور ويحتفظ بكيانه في الحوادث المدمرة، بخلاف الثاني فإنه سوف ينهار لا محالة بأدنى ضربة.
فالمؤمن هو الذي يعقد إيمانه على قاعدة محكمة وهو الحق الذي هو تقوى الله ورضوانه، بخلاف المنافق فإنه يبني إيمانه على أضعف القواعد