رب إن تعف فالمعافاة ظني أو تعاقب فلم تعاقب بريا فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): " إن أخاك آمن شعره، وكفر قلبه " وأنزل الله تعالى الآية. (1) وقيل: إنه أبو عامر بن النعمان بن صيفي الراهب الذي سماه النبي الفاسق، وكان قد ترهب في الجاهلية ولبس المسوح، فقدم المدينة، فقال للنبي (صلى الله عليه وآله وسلم): ما هذا الذي جئت به، قال: " جئت بالحنيفية دين إبراهيم "، قال: فأنا عليها، فقال (صلى الله عليه وآله وسلم): " لست عليها ولكنك أدخلت فيها ما ليس منها ".
فقال أبو عامر: أمات الله الكاذب منا طريدا وحيدا، فخرج إلى أهل الشام وأرسل إلى المنافقين أن استعدوا السلاح، ثم أتى قيصر وأتى بجند ليخرج النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) من المدينة، فمات بالشام طريدا وحيدا.
والظاهر أن المشبه ليس خصوص هذين الرجلين، بل كما قال الإمام الباقر (عليه السلام): " الأصل في ذلك بلعم، ثم ضربه الله مثلا لكل مؤثر هواه على هدى الله من أهل القبلة ". (2) وفي الآية دلالة واضحة على أن العبرة في معرفة عاقبة الإنسان هي أخريات حياته، فربما يكون مؤمنا في شبابه ويرتد عن الدين في شيخوخته وهرمه، فليس صلاح الإنسان وفلاحه في عنفوان شبابه دليلا على صلاحه ونجاته في آخر عمره.