و " السلف " أي الماضي يقال سلف يسلف سلوفا، ومنه الأمم السالفة أي الماضية.
وأما قوله (من المس) فالظرف متعلق بيقوم، أي لا يقومون إلا كما يقوم المصروع من المس.
وحاصل معنى الآية أن آكل الربا لا يقوم إلا كقيام من يخبطه الشيطان فيصرعه، فكما أن قيامه على غير استواء فهكذا آكل الربا.
فالتشبيه وقع بين قيام آكل الربا وقيام المصروع من خبط الشيطان، فيطرح هنا سؤالان:
الأول: ما هو المراد من أن آكل الربا لا يقوم إلا كقيام المصروع؟
الثاني: ما هو المراد من كون الصرع من مس الشيطان؟
أما الأول: فقد اختلف فيه كلمة المفسرين على وجوه:
1. ذهب أكثرهم إلى أن المراد قيامهم يوم القيامة قيام المتخبطين، فكأن آكل الربا يبعث يوم القيامة مجنونا، وذلك كالعلامة المخصوصة بآكل الربا، فيعرفه أهل الموقف أنه آكل الربا في الدنيا.
وعلى ضوء هذا فيكون معنى الآية أنهم يقومون مجانين كمن أصابه الشيطان بمس.
2. إنهم إذا بعثوا من قبورهم خرجوا مسرعين لقوله: (يخرجون من الأجداث سراعا) إلا آكلة الربا فإنهم يقومون ويسقطون، لأنه سبحانه أرباه في بطونهم يوم القيامة حتى أثقلهم فهم ينهضون ويسقطون ويريدون الإسراع ولا يقدرون.