التنفس ثم قال: من تريانه؟
قلنا: والله ما ندري إلا ظنا.
قال: ومن تظنان؟
قلنا: عساك تريد القوم الذين أرادوا أبا بكر على صرف هذا الأمر عنك.
قال (عمر): كلا والله، بل كان أبو بكر أعق، وهو الذي سألتما عنه، كان والله أحسد قريش كلها، ثم أطرق طويلا.
فنظر المغيرة إلي ونظرت إليه، وأطرقنا مليا لإطراقه، وطال السكوت منا ومنه، حتى ظننا أنه قد ندم على ما بدا منه، ثم قال (عمر):
وا لهفاه على ضئيل بني تيم بن مرة! لقد تقدمني ظالما، وخرج إلي منها آثما.
فقال المغيرة: أما تقدمه عليك يا أمير المؤمنين ظالما فقد عرفناه، كيف خرج إليك منها آثما؟
قال: ذاك لأنه لم يخرج إلي منها إلا بعد يأس منها، أما والله لو كنت أطعت زيد بن الخطاب (1) وأصحابه لم يتلمظ من حلاوتها بشئ أبدا، ولكني قدمت وأخرت وصعدت وصوبت ونقضت وأبرمت، فلم أجد إلا الإغضاء على ما نشب به منها، والتلهف على نفسي، وأملت إنابته ورجوعه،