في سكك المدينة فقال لي:
أنت صاحب الكلام يا بن الخطاب؟
فقلت: نعم يا عدو الله، ولك عندي شر من ذلك.
فقال: بئس الجزاء هذا لي منك.
قلت: وعلام تريد مني حسن الجزاء؟
قال (الأشعث): لأنفتي لك من اتباع هذا الرجل، والله ما جرأني على الخلاف عليه إلا تقدمه عليك، وتخلفك عنها، ولو كنت صاحبها لما رأيت مني خلافا عليك. قلت: لقد كان ذلك فما تأمر الآن؟
قال (الأشعث): إنه أوليس بوقت أمر، بل وقت صبر، ومضى ومضيت.
ولقى الأشعث الزبرقان بن بدر فذكر له ما جرى بيني وبينه، فنقل ذلك إلى أبي بكر، فأرسل إلي بعتاب مؤلم (1).
فأرسلت إليه: أما والله لتكفن أو لأقولن كلمة بالغة بي وبك في الناس، تحملها الركبان حيث ساروا، وإن شئت استدمنا ما نحن فيه عفوا.
فقال: بل نستديمه، وإنها لصائرة إليك بعد أيام، فظننت أنه لا يأتي عليه جمعة حتى يردها علي فتغافل، والله ما ذكرني بعد ذلك حرفا حتى هلك.
ولقد مد في أمدها، عاضا على نواجذه إلى أن حضره الموت