فقال: ادخلا، فدخلنا فوجدناه مستلقيا على برذعة برحل، فلما رآنا تمثل بقول كعب بن زهير:
لا تفش سرك إلا عند ذي ثقة * أولى وأفضل ما استودعت أسرارا (1) صدرا رحيبا وقلبا واسعا قمنا * ألا تخاف متى أودعت إظهارا فعلمنا أنه يريد أن نضمن له كتمان حديثه، فقلت أنا له: يا أمير المؤمنين، ألزمنا وخصنا وصلنا، قال: بماذا يا أخا الأشعريين؟ فقلت:
بإفشاء سرك وأن تشركنا في همك. فنعم المستشاران نحن لك.
قال: إنكما كذلك فاسألا عما بدا لكما، ثم قام إلى الباب ليغلقه، فإذا الآذن الذي أذن لنا عليه في الحجرة، فقال:
امض عنا لا أم لك. فخرج وأغلق الباب خلفه، ثم أقبل علينا فجلس معنا، وقال: سلا تخبرا.
قلنا: نريد أن يخبرنا أمير المؤمنين بأحسد قريش: الذي لم يأمن ثيابنا على ذكره لنا.
فقال: سألتما عن معضلة وسأخبركما، فليكن عندكما في ذمة منيعة وحرز ما بقيت، فإذا مت فشأنكما وما شئتما من إظهار أو كتمان.
قلنا: فإن لك عندنا ذلك، قال أبو موسى: وأنا أقول في نفسي: ما يريد إلا الذين كرهوا استخلاف أبي بكر له كطلحة وغيره، فإنهم قالوا لأبي بكر:
أتستخلف علينا فظا غليظا، وإذا هو يذهب إلى غير ما في نفسي، فعاد إلى