فاختارت الثانية: فبشرها بأنه سيعطيها إلى ابنه الحسن كما رأته في المنام، وأنها ستلد ولدا يملأ الدنيا قسطا وعدلا. ثم أودعها عند حكيمة أخت الإمام علي النقي لتعلمها الفرائض والسنن.
ذلك ما رواه المجلسي عن شراء نرجس خاتون بصورة أكثر تفصيلا نقلا عن الشيخ الطوسي. ولكنه لا يصف الزواج. فالفتاة إنما هي جارية مملوكة مشتراة، وكل ما في الأمر أن يهبها الأب إلى ابنه. وروت حكيمة كيف أنها زينت الفتاة وأرسلتها إلى الحسن العسكري. قالت: فمكثا في بيتي أياما ثم أرسلتهما إلى بيت أخي، وكان إذ ذاك قد انتقل عن العالم فصار الحسن العسكري مكانه إماما.
وبعد وفاة الإمام علي النقي أمر الخليفة أحد حراسه الأتراك بحمل الحسن العسكري إلى بغداد. فأودع السجن هناك وبقي كذلك مدة خلافة المهتدي القصيرة، غير أن أكثر ما أصابه من الأذى في السجن كان على زمن الخليفة المعتمد الذي ولي الخلافة بعد المهتدي. وتصفه كتب الشيعة الخاصة بترجمة حياة الحسن العسكري بأنه كان أشد الناس إيذاء له. فقد منع عنه حتى ماء الوضوء. ورمى مرة بين السباع فلم يهبها، بل إنه مسح رؤوسها وفرش سجادته وقام يصلي والسباع حوله واقفة، فأخبر الخليفة بما جرى.
وحسب كتاب عقائد الشيعة لم تكن له زوجة شرعية، وأن إحدى جواريه حملت بابنه محمد القائم (ع) وهي نرجس خاتون بنت يشوع بن قيصر الروم. ولم يكن له من الأولاد سوى ابنة واحدة منها أيضا.
وقد قال بعضهم: إنهم يسمون مماليكهم بأسماء محببة كنرجس وسوسن وخمط (اللبن الطيب الرائحة). وربما كانت للفكرة قيمتها الشعرية، ولكن الحقيقة تبدو أن هذه الأسماء كانت شائعة لدى الشعوب النصرانية التي كانت تسبى منها الجواري وأن قصة نرجس خاتون وأنها كانت أميرة قد تكون من وضع الخيال زيادة في تعظيم الإمام الثاني عشر إلا أنه من المحتمل أن تكون مملوكة حقا سبيت من ناحية من نواحي