الدنانير. فاستوفاه مني وتسلمت الجارية ضاحكة مستبشرة، وقد أخرجت كتاب مولانا (ع) من جيبها وهي تلثمه وتطبقه على جفنها وتشعه على خدها وتمسحه على بدنها. فقلت تعجبا منها: تلثمين كتابا لا تعرفين صاحبه؟ فقالت: أيها العاجز الضعيف المعرفة بمحل أولاد الأنبياء أعرني سمعك وفرغ لي قلبك:
أنا مليكة بنت يشوعا بن قيصر ملك الروم، وأمي من ولد الحواريين تنسب إلى وصي المسيح شمعون. أنبئك بالعجب، إن جدي قيصر أراد أن يزوجني من ابن أخيه، وأنا من بنات ثلاثة عشر. فجمع في قصره من نسل الحواريين من القسيسين والرهبان 300 رجل. ومن ذوي الأخطار منهم 700 رجل. وجمع من أمراء الأجناد وقواد العسكر ونقباء الجيوش وملوك العشائر 4000، وأبرز من بهى ملكه عرشا مصاغا من أصناف الجوهر إلى صحن القصر، ورفعه فوق أربعين مرقاة. فلما صعد ابن أخيه وأحدقت الصلبان قامت الأساقفة عكفا ونشرت أسفار الإنجيل، تسافلت الصلبان من الأعلى فلصقت بالأرض وقوضت أعمدة العرش، فانهارت إلى القرار، وخر الصاعد من العرش مغشيا عليه. فتغيرت ألوان الأساقفة، وارتعدت فرائصهم، فقال كبيرهم لجدي: أيها الملك، أعفنا من ملاقاة هذه النحوس الدالة على زوال دولة هذا الدين المسيحي والمذهب المليكاني. فتطير جدي من ذلك تطيرا شديدا. وقال الأساقفة: أقيموا هذه الأعمدة ورفعوا الصلبان وأحضروا أخا هذا المدبر العاهر المنكوس جده لأزوجه هذه الصبية فيدفع نحوسه عنكم بسعوده. فلما فعلوا ذلك حدث على الثاني مثل ما حدث على الأول، وتفرق الناس وقام جدي قيصر مغتما فدخل منزل النساء وأرخيت الستور.
ورأيت في تلك الليلة كأن المسيح وشمعون وعدة من الحواريين قد اجتمعوا في قصر جدي ونصبوا فيه منبرا من نور يباري السماء علوا وارتفاعا في الموضع الذي كان نصب جدي فيه عرشه. ودخل عليهم محمد صلى الله عليه وسلم وختنه ووصيه وعدة من أبنائه (ع) فتقدم المسيح إليه فاعتنقه. فيقول له محمد صلى الله عليه وسلم يا