فخرا وأمراؤهم فجرة ووزراؤهم خونة وأعوانهم ظلمة وقراؤهم فسقة، وظهر الجور وفشا الزنا وظهر الربا وقطعت الأرحام واتخذت القينات، وشربت الخمور ونقضت العهود وضيعت العتماد، وتوانى الناس في صلاة الجماعة وزخرفوا المساجد وطولوا المنابر وحلوا المصاحف، وأخذوا الرشى وأكلوا الربا واستعلوا السفهاء واستخفوا بالدماء وباعوا الدين بالدنيا، واتجرت المرأة مع زوجها حرصا الدنيا وركب النساء، وكان السلام بينهم على المعرفة وشهد شاهدهم من غير أن يستشهد وحلف من قبل أن يستحلف ولبسوا جلود الضأن على قلوب الذئاب، وكانت قلوبهم أمر من الصبر وألسنتهم أحلى من العسل وسرائرهم أنتن من الجيف، والتمس التفقه لغير الدين وأنكر المعروف وعرف المنكر، فالنجاء النجاء والوحاء الوحاء. نعم السكن حينئذ عبادان النائم فيها كالمجاهد في سبيل الله، وهي أول بقعة آمنت بعيسى عليه الصلاة والسلام وليأتين على الناس زمان يقول أحدهم: يا ليتني كنت تبنة في لبنة من بيت من بيوت عبادان.
فقام إليه الأصبغ بن نباته فقال: يا أمير المؤمنين ومن الدجال؟ قال: صافي بن صائد، الشقي من صدقه والسعيد من كذبه، ألا إن الدجال يطعم الطعام، يشرب الشرب ويمشي في الأسواق، والله تعالى عن ذلك إلا إن الدجال طوله أربعون ذراعا بالذراع الدول تحته حمار أقمر طول كل أذن من أذنيه ثلاثون ذراعا ما بين حافر حماره إلى الحافر الآخر مسيرة يوم وليلة تطوى له الأرض منهلا، يتناول السحاب بيمينه ويسبق الشمس إلى مغيبها يخوض البحر إلى كعبيه أمامه جبل دخان وخلفه جبل أخضر ينادي بصوت له يسمع به ما بين الخافقين: إلى أوليائي إلى أوليائي، إلى أحبائي إلى أحبائي، فأنا الذي خلق فسوى والذي قدر فهدى وأنا ربكم الأعلى، كذب عدو الله، ليس ربكم لذلك، إلا أن الدجال أكثر أشياعه وأتباعه اليهود وأولاد الزنا يقتله الله تعالى بالشام على عقبة يقال لها عقبة أفيق لثلاث ساعات يمضين من النهار على يدي عيسى بن مريم فعند ذلك خروج الدابة من الصفا معها خاتم سليمان بن داود وعصا