شرح إحقاق الحق - السيد المرعشي - ج ٢٩ - الصفحة ١٠٤

أيمانه).
ومن هنا جوز الاثنا عشرية أن يكون الإمام ظاهرا مشهورا، أو غائبا مستورا، والله لا يخلي الأرض من حجة على العباد من نبي أو وصي.
والاثنا عشرية بوجه عام معتدلون في نظرتهم إلى الأئمة وهم يبرؤون من الغلاة الذين اعتقدوا بالحلول، أي حلول الجزء الإلهي في علي وذريته، فيقول السيد محمد رضا المظفر مبينا عقيدتهم في الأئمة: لا نعتقد في أئمتنا ما يعتقده الغلاة والحلوليون كبرت كلمة تخرج من أفواههم، بل عقيدتنا الخالصة أنهم بشر مثلنا، لهم ما لنا وعليهم ما علينا، وإنما هم عباد مكرمون اختصهم الله تعالى بكرامته وحباهم بولايته، إذ كانوا في أعلى درجات الكمال اللائقة في البشر من العلم والتقوى والشجاعة والكرم والعفة وجميع الأخلاق الفاضلة والصفات الحميدة، لا يدانيهم أحد من البشر فيما اختصوا به، وبهذا استحقوا أن يكونوا أئمة وهداة، ومرجعا بعد النبي في كل ما يعود للناس من أحكام وحكم، وما يرجع للدين من بيان وتشريع وما يختص بالقرآن من تفسير وتأويل.
ويعتقد الاثنا عشرية بعد ذلك بالرجعة أعني رجعة المهدي ومن يحييه الله معه. والمهدي هو آخر أئمتهم. ويعتقدون أن ولد سنة ٢٥٦ ه‍ ولا يزال حيا، وهو ابن الحسن العسكري واسمه محمد، ويستندون هنا إلى مرويات عن النبي وآل البيت من الوعد به، وما تواتر عندهم ولادته واحتجابه، إذ الإمامة لا يجوز أن تنقطع في عصر من العصور، وإن كان الإمام مخفيا ليظهر في اليوم الموعود به من الله تعالى الذي هو من الأسرار الإلهية التي لا يعلم بها إلا هو تعالى. ولا يخلو من أن تكون حياته وبقاؤه في هذه المدة الطويلة معجزة جعلها الله تعالى له. وفي عصور غيبة الإمام يجب الاجتهاد.
ويعتقد الاثنا عشرية أن المجتهد الجامع للشرائط هو نائب للإمام في حال غيبته، وهو الحاكم والرئيس المطلق، له ما للإمام من الفصل في القضايا والحكومة بين الناس، والراد عليه راد على الإمام، والراد على الإمام راد على الله تعالى وهو على حد الشرك بالله كما روي عن الصادق. وهذه المنزلة أو الرئاسة العامة أعطاها الإمام للمجتهد ليكون نائبا عنه في حال الغيبة ولذلك يسمى نائب الإمام.
هذا موجز لعقائد الشيعة الإمامية الاثني عشرية، عرضناه من وجهة نظر بعض كبار علمائهم المعاصرين، وقد توخينا بذلك أن نعطي للقارئ فكرة موضوعية عن عقائد الاثني عشرية لا أثر فيها لما قد يعتقده كاتب هذه السطور، وهو من أهل السنة.
ونحن نعتقد أن الخلاف بين الاثني عشرية وأهل السنة قائم، ولكنه ليس بذي خطر إذا ما تفهمناه على حقيقته.
ولننظر في أو مسألة تتعلق بالإمامة، وهي قول الشيعة إنها بالنص والتعيين وقول أهل السنة إنها بالاتفاق والاختيار، فنجد أن مسألة الإمامة كلها عند أهل السنة خارجة عن نطاق العقائد الايمانية لأنها من مسائل الفروع، وعلى ذلك فالقول بالنص فيها لا تعلق له بكفر ولا بإيمان، ولا يكون القائل به مبتدعا بل يجب النظر إليه على أنه بمثابة مجتهد في الأحكام.
ولعل هذا هو ما جعل بعض فلاسفة الاسلام كابن سينا يبيحون لأنفسهم البحث العقلي الخالص في هذه المسألة، وابن سينا مثلا، وإن كان أميل إلى تفضيل النص، إلا أنه لا يمانع في أن يكون نصب الإمام بالاختيار.
يضاف إلى ذلك أن الشيعة أنفسهم لم يبدعوا الذين لا يذهبون مذهبهم في الإمامة، يدل عليه قول السيد محمد حسين آل كاشف الغطاء وهذا نصه:
فمن اعتقد بالإمامة بالمعنى الذي ذكرناه فهو عندهم (عند الشيعة الإمامية الاثني عشرية) مؤمن بالمعنى الأخص، وإذا اقتصر على تلك الأركان الأربعة (وهي التوحيد والنبوة والمعاد والعمل بدعائم الاسلام وهي الصلاة والصوم والزكاة والحج والجهاد) فهو مسلم بالمعنى الأعم، تترتب عليه جميع أحكام الاسلام من حرمة دمه وماله وعرضه ووجوب حفظه وحرمة غيبته وغير ذلك، لا أنه بعدم الاعتقاد بالإمامة يخرج عن كونه مسلما.
وكما يعظم الاثنا عشرية الأئمة من أهل البيت ويوجبون محبتهم، فإن أهل السنة يعظمون أيضا أهل البيت، ويعتبرونهم مرجعا للمسلمين في الأحكام، ويرون لهم منزلة وفضلا كبيرا، ويرون محبتهم والتقرب إليهم من كمال الإيمان لما ورد في حقهم من النصوص الثابتة.
ووجوب كون الإمام عند الاثني عشرية أفضل الناس في صفات الكمال لأنه يقوم مقام النبي، فهذا - إذا ما تحقق في الإمام - لا يعارض فيه أهل السنة أو غيرهم، ووجوب طاعة الإمام من الأمور المتفق عليها بين جميع المسلمين.
أما مسألة العصمة أعني عصمة الإمام، فهي وإن كانت من المسائل الخلافية، إلا أنها لا تهدم أصلا من أصول العقائد الايمانية عند أهل السنة.
أما القول بالرجعة فإذا كان أهل السنة ينكرونه استنادا إلى شواهد نقلية، والاثنا عشرية يثبتونه ويدللون عليه أيضا بأدلة نقلية، فإن السيد محمد رضا المظفر يقول: إنها - إي الرجعة - ليست من الأصول التي يجب الاعتقاد بها والنظر فيها، وإنما اعتقادنا بها كان تبعا للآثار الصحيحة الواردة عن آل البيت عليهم السلام الذين ندين بعصمتهم عن الكذب، وهي من الأمور الغيبية التي أخبروا عنها، ولا يمتنع وقوعها.
قال في ذيل الكتاب:
يذهب الإمامية إلى أن الله تعال يعيد قوما من الأموات إلى الدنيا في صورهم التي كانوا عليها، فيعز فريقا ويذل فريقا آخر، ولذلك لا يرجع إلا من علت درجته في الإيمان، أو من بلغ الغاية من الفساد، ثم يصيرون بعد ذلك إلى الموت، ومن بعده إلى النشور وما يستحقونه من الثواب أو العقاب كما حكى الله تعالى في قرآنه الكريم تمني هؤلاء المرتجعين الذين لم يصلحوا بالإرجاع فنالوا مقت الله أن يخرجوا ثالثا لعلهم يصلحون: (قالوا ربنا أمتنا اثنتين وأحييتنا اثنتين فاعترفنا بذنوبنا فهل إلى خروج من سبيل) (المؤمنون: 11)، والرجعة عندهم دليل على القدرة البالغة لله تعالى كالبعث والنشر، وهي كمعجزة إحياء الموتى التي كانت للمسيح، بل هي في رأيهم أبلغ هنا لأنها تقع بعد أن يصبح الأموات رميما (قال من يحيي العظام وهي رميم قل يحييها الذي أنشأها أول مرة وهو بكل خلق عليم) (يس: 79) أنظر في تفصيل ذلك عقائد الإمامية ص 67 - 71.
(١٠٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 100 101 102 103 104 104 111 112 113 114 115 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 الإمام التاسع أبو جعفر محمد بن علي الجواد عليه السلام نسبه وولادته ووفاته عليه السلام 3
2 ألقابه عليه السلام وكنيته 7
3 نقش خاتمه عليه السلام 8
4 اختيار المأمون له عليه السلام 9
5 جملة من كلماته الشريفة 12
6 كلمات العلماء في شأنه عليه السلام 14
7 أولاده عليه السلام 27
8 * الإمام العاشر أبو الحسن علي بن محمد الهادي عليه السلام * نسبه الشريف وميلاده ووفاته 31
9 كنيته وألقابه ونقش خاتمه 34
10 كرمه عليه السلام 36
11 كلماته عليه السلام ومواعظه 37
12 أولاده عليه السلام 56
13 * الإمام الحادي عشر أبو محمد الحسن بن علي العسكري عليه السلام * نسبه الشريف وميلاده ووفاته 59
14 ألقابه وكنيته ونقش خاتمه 62
15 كرامته عليه السلام 64
16 من كلامه عليه السلام 65
17 أقوال العلماء في شأنه 68
18 أولاده عليه السلام 83
19 * الإمام الثاني عشر الحجة المنتظر محمد بن الحسن المهدي عليه السلام * مستدرك من مات ليس عليه إمام ميتته جاهلية 88
20 لا يخلو وجه الأرض من قائم لله بحجة 89
21 مستدرك ان الخلفاء اثنا عشر خليفة كلهم من قريش 91
22 مستدرك يكون من بعدي اثنا عشر أميرا 99
23 الخلفاء بعدي اثنا عشر كنقباء بني إسرائيل 101
24 ولي الناس اثنا عشر رجلا كلهم من قريش 101
25 حديث الأئمة من ولدي 103
26 الأئمة بعدي اثنا عشر أولهم علي وآخرهم المهدي 105
27 مستدرك الأئمة من قريش 111
28 مستدرك الأئمة من ولدي 113
29 ولادة المهدي ونسبه الشريف 114
30 كنية المهدي وألقابه الشريفة 118
31 سبب تسميته بالمهدي والقائم 120
32 المهدي يواطئ اسمه اسم النبي صلى الله عليه وآله 124
33 ان اسم المهدي محمد عليه السلام 150
34 حديث: أبشري يا فاطمة فان المهدي منك 152
35 المهدي من بني هاشم 153
36 المهدي من آل محمد 153
37 المهدي من علي عليه السلام 154
38 مستدرك ان المهدى من ولد فاطمة 155
39 مستدرك المهدي منا أهل البيت 166
40 المهدي من عترة رسول الله صلى الله عليه وآله 198
41 مستدرك المهدي مني - من ولدي 212
42 المهدي من الحسن والحسين عليهما السلام 219
43 المهدي من ولد الحسين الشهيد 222
44 المهدي يملأ الأرض عدلا بعد ما ملئت ظلما وجورا 224
45 المهدي تأوي إليه أمته كالنحلة إلى يعسوبها 247
46 لو لم يبق من الدنيا إلا يوم واحد لبعث الله فيه رجلا اسمه اسمي 248
47 المهدي يصلحه الله في ليلة واحدة 256
48 ان الله يقبض في رأس كل مائة سنة رجلا من أهل البيت يعلم الأمة أحكام الدين 258
49 المهدي شاب مربوع حسن الوجه 260
50 المهدي أزج أبلج أعين 261
51 المهدي في خده الأيمن خال 262
52 المهدي أجلى الجبين أقنى الأنف 263
53 حديث المهدي خليفة الله 268
54 حديث نحن معاشر بني عبد المطلب سادات أهل الجنة 271
55 المهدي طاوس أهل الجنة 276
56 حديث هذا الأمر في أصغرنا سنا وأجملنا ذكرا 278
57 ان الله فتح هذا الدين بعلي وإذا مات فسد الدين لا يصلحه إلا المهدي 279
58 مبايعة المهدي بين الركن والمقام 284
59 المهدي يصلي عيسى بن مريم خلفه 292
60 من كذب بالمهدي فقد كفر 317
61 مستدرك أفضل العبادة انتظار الفرج 319
62 قول أمير المؤمنين عليه السلام: أنظروا الفرج في ثلاث 321
63 سخاء المهدي وجوده وعدله 322
64 كلام بعض العامة في شأن جود المهدي وعدالته 330
65 حديث إذا خرج المهدي ألقى الله الغنى في قلوب المؤمنين 334
66 خشوع المهدي لله تعالى 335
67 تمطر الأرض أربعة وعشرون مطرة 337
68 لا يخرج المهدي حتى تطلع الشمس آية 337
69 تنكسف الشمس في شهر رمضان مرتان 338
70 إذا قام المهدي أشرقت الأرض بأنوارها 339
71 لا يخرج المهدي حتى يبصق بعضكم في وجه بعض 348
72 الصوت في رمضان والملحمة العظيمة بمنى 349
73 يكون في الناس شر طويل قبل قيام المهدي 349
74 خروج المهدي بعد هدم حائط مسجد الكوفة 350
75 انكساف القمر والشمس في رمضان 350
76 ينخسف القمر في شهر رمضان مرتان 351
77 لا يخرج المهدي حتى لا يبقى قيل ولا ابن قيل إلا هلك 351
78 من علائم الظهور قتل النفس الزكية 351
79 بيع الجارية بوزنها طعاما 352
80 يخرج المهدي في يوم عاشوراء 353
81 يخرج المهدي إذا قال الرجال الله الله قتل 355
82 براءة بعض من بعض والشهادة بالكفر 358
83 لا يخرج المهدي حتى يخرج ستون كذابا 358
84 لا يبايع المهدي حتى يكفر بالله جهرا 359
85 خروج الشيباني والخراساني واليماني 359
86 خروج المهدي ومعه راية رسول الله صلى الله عليه وآله 360
87 راية المهدي مكتوب فيها " البيعة لله " 361
88 أول لواء يعقده المهدي يبعثه إلى الترك 362
89 المهدي يعمل بالحق حتى يموت 363
90 الفتن المظلمة تتبع بعضها بعضا 364
91 طلوع النجم من قبل المشرق 364
92 لا يخرج المهدي حتى يقتل ثلاث ويموت ثلاث ويبقى ثلاث 367
93 المهدي خير من أبي بكر وعمر 368
94 المهدي يقسم خزائن البيت 369
95 المهدي يرضى عنه ساكن السماء والأرض 370
96 تتنعم الأمة في حكومة المهدي نعمة لم تنعمها قط 375
97 ينادي مناد من السماء أن الحق في آل محمد 381
98 إخبار علي عن ظهور المهدي 385
99 حديث ينادي من السماء: أميركم فلان 388
100 حديث ألا إن الأمير المهدي 394
101 حديث ألا إن صفوة الله من خلقه المهدي 397
102 حديث ألا إن أولياء الله أصحاب المهدي 399
103 جملة من علائم الظهور 400
104 حديث ينادى ملك: هذا المهدي خليفة الله فاتبعوه 401
105 ينادى من السماء باسم رجل من ولد أبي طالب 404
106 في شهر رمضان صوت وفي شوال همهمة 404
107 لينادين باسم رجل من السماء 405
108 من العلائم اختلاف بني العباس والنداء من السماء 406
109 تجيء الرايات السود من قبل المشرق 408
110 استخراج المهدي التابوت ومائدة بني إسرائيل وغيرهما 424
111 ظهور الدجال 427
112 من أنصار المهدي أصحاب الكهف 438
113 إذا قام المهدي يرد المسجد الحرام إلى ساحته 440
114 إن المهدي يدخل كل مدينة دخلها ذو القرنين 440
115 المهدي يفتح القسطنطينية والديلم ورومية 445
116 المهدي يبنى على ظهر الكوفة مسجدا 446
117 يصير الدنيا بعد المهدي هرجا 446
118 المهدي يومي إلى الطير فيسقط على يديه 448
119 حديث لن تهلك أمة أنا في أولها والمهدي في آخرها 450
120 المهدي يصلي عليه أهل الأرض وطير السماء 453
121 أنصار المهدي عليه السلام 454
122 يخرج رجل من وراء النهر يوطئ لآل محمد 464
123 أصحاب المهدي وعلائمهم 466
124 أمارة أنصار المهدى " أمت، أمت " 467
125 من أنصار المهدي شعيب بن صالح 471
126 مدة ملك المهدي بعد الخروج 480
127 أحاديث خروج السفياني 509
128 أحاديث الخسف بالبيداء 535
129 أحاديث مروية عن الأئمة في المهدي من طرق العامة 560
130 ما روي عن علي عليه السلام 560
131 ما روي عن الحسين بن علي عليه السلام 587
132 ما روي عن الإمام زين العابدين عليه السلام 592
133 ما روي عن الإمام الباقر عليه السلام 593
134 ما روي عن الإمام الصادق عليه السلام 606
135 لا يخرج المهدي إلا في وتر من السنين 607
136 من كلمات علماء العامة في المهدي عليه السلام 608