شرح إحقاق الحق - السيد المرعشي - ج ٢٤ - الصفحة ٤٦٩
مستدرك قول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم " اللهم اجعل صلاتك ورحمتك ومغفرتك علي وعليهم " تقدم نقل ما يدل عليه من كتب أعلام العامة في ج 9 ص 593 وص 594، ونستدرك هيهنا عن كتبهم التي لم نرو عنها فيما مضى (1):
(١) قال الشريف المحدث السيد إبراهيم الحسني المدني السمهودي في كتابه " الاشراف على فضل الأشراف " ص ٢٢ والنسخة مصورة:
(خاتمة) في ذكر أمره صلى الله عليه وآله وسلم بالصلاة عليهم في امتثال ما شرع الله في الصلاة عليه ووجه الدلالة على إيجاب ذلك في الصلوات:
عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال: لقيني كعب بن عجزة رضي الله عنه فقال:
ألا أهدي لك هدية سمعتها من رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قلت: بلى. قال:
سألنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلنا: يا رسول الله كيف الصلاة عليكم أهل البيت؟ قال: قولوا " اللهم صلى على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم إنك حميد مجيد، وبارك على محمد على آل محمد كما باركت على إبراهيم وآل إبراهيم إنك حميد مجيد ".
أخرجه الحاكم في مستدركه أشار إلى أنه إنما استدركه مع كونه في الصحيحين من هذا الوجه لإفادة أن أهل البيت هم الآل.
وهذا لقوله في هذه الرواية " كيف الصلاة عليكم أهل البيت؟ " فيكون السؤال عن كيفية الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم وعلى آل بيته، ويكون ما أجابهم به صلى الله عليه وسلم مطابقا لسؤالهم، وفيه إيماء إلى أنهم فهموا من الآية أن الأمر بالصلاة عليه فيها شامل لآله، ولفظ رواية الصحيحين من هذا الوجه، وفي لفظ للبخاري " على إبراهيم وعلى آل إبراهيم " في الموضعين.
وقد بين في رواية البيهقي والخلعي وغيرهما بسند جيد من طريق [ابن] أبي ليلى عن كعب بن عجرة سبب سؤالهم عن ذلك، ولفظه: لما نزلت " إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما " قلنا: يا رسول الله قد علمنا كيف نسلم عليك فكيف نصلي عليك؟ الحديث. وجاء بيان هذا السبب في رواية لأحمد والترمذي والطبراني من غير هذا الوجه. فظهر بذلك أن المسؤول عنه الصلاة المأمور بها في الآية المذكورة.
ودلت الرواية التي في مستدرك الحاكم على أن المراد من هذا الأمر الصلاة عليه وعلى آله، لقوله: كيف الصلاة عليكم أهل البيت. يعني النبي صلى الله عليه وسلم وآله. ودل على صحة ذلك قوله صلى الله عليه وسلم في رواية الصحيحين في جواب قولهم " كيف نصلي عليك "؟ قال: قولوا " اللهم صلى الله عليه وعلى آل محمد " الحديث.
وقد جاء لذلك في الروايات: أن سبب سؤالهم نزول الآية، فدل بيانه صلى الله عليه وسلم الكيفية المأمور بها بذلك على أنه من جملة المأمور به وأنه صلى الله عليه وسلم أقامهم في ذلك مقام نفسه، إذا القصد من الصلاة أن ينيله مولاه عز وجل من الرحمة المقرونة بتعظيمه وتكريمه بما يليق به، ومن ذلك ما يفيضه الله عز وجل منه على أهل بيته وأنه من جملة تعظيمه وتكريمه.
وربما يفهم ذلك مما سبقت الإشارة إليه من طرق أحاديث إدخاله صلى الله عليه وسلم أهل بيته الكساء والثوب من قوله صلى الله عليه وسلم: " اللهم هؤلاء آل محمد فاجعل صلواتك وبركاتك على آل محمد " الحديث.
وقوله في الرواية الأخرى: " اللهم إنهم مني وأنا منهم فاجعل صلواتك ورحمتك ومغفرتك ورضوانك علي وعليهم ". إذ مقتضى استجابة هذا الدعاء أن الله عز وجل خصهم بالصلاة عليهم معه، وإذا كانت صلاة الله عليه وعليهم كذلك شرعت صلاة المؤمنين عليهم معه كما يقتضيه سياق الآية الكريمة، فنتج من ذلك دخولهم في قوله عز وجل " إن الله وملائكته يصلون على النبي "، مع أن المراد كل صلاة وأتمها، فتكون عليه وعلى آله، فما رتبه عز وجل على ذلك من أمر المؤمنين بالصلاة يكون لطلب الصلاة عليه وعلى آله أيضا.
ومنشأ ذلك إلحاقهم به في التطهير كما سبق. ويروى عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: " لا تصلوا علي الصلاة البتراء " قالوا: وما الصلاة البتراء يا رسول الله؟
قال: تقولوا " اللهم صل على محمد " وتمسكون، بل قولوا: اللهم صل على محمد وعلى آل محمد.
وأما حديث أبي حميد الساعدي متفق عليه، قالوا: يا رسول الله كيف نصلي عليك؟ قال: قولوا " اللهم صل على محمد وعلى آل محمد ".
إلى أن قال: وقد قال الشافعي بعد ذكر حديث كعب بن عجرة وغيره من الأحاديث: فلما روي أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعلمهم أن التشهد في الصلاة واجب والصلاة عليه فيه غير واجبة انتهى. مع أنه صلى الله عليه وسلم كان يقول ذلك في تشهده.
عن إبراهيم بن محمد بن محمد هو ابن أبي يحيى، حدثني سعيد بن إسحاق عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن كعب بن عجرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يقول في الصلاة: اللهم صل الله على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم، وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وآل إبراهيم إنك حميد مجيد.
وابن أبي يحيى وإن ضعفه جماعة لكن وثقه الشافعي وابن الأصبهاني وابن عدي وابن عقدة وغيرهم.
وقد قال صلى الله عليه وسلم " صلوا كما رأيتموني أصلي " وهو دال على وجوب كلما ثبت عنه في صلاته إلا ما خصه الدليل.
فهذا وجه ما ذهب إليه إمامنا الشافعي رحمه الله من فرضية الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم عقب التشهد الأخير وقبل سلام التحلل، وهو أحد قولي الإمام أحمد، وظاهر ما في المعنى من كتبهم: أنه الذي رجع إليه أحمد آخرا.
والخلاف أيضا في كتب المالكية، والصحيح عندهم أنها من سنن الصلاة. وهو مذهب الحنفية.
وافتراض الصلاة في التشهد عن الشافعي خاص بالأخير، وهو المفروض من التشهدين، وفي سنيتها في الأول خلاف عنده، والجديد الصحيح في المذهب بسنيتها فيه كما قرر في محله.
والقول الآخر أنها لا تشرع فيه لبنائه على التخفيف. ومنع بأنه لا تطويل في قولك " اللهم صل على محمد " ولذا صححوا أنه لا يسن هنا أن يضم إلى ذلك الصلاة على الآل من أجل التخفيف، ويتجه ترجيح مقابله، إذ لا تطويل أيضا في قولك " وآل محمد ".
ولذا نازع النووي في " تنقيح الوسيط في تصحيح الأصحاب عدم الاستحباب ذكر الآل فيه نظر بل ينبغي أن يسنا جميعا أو لا يسنا ولا يظهر فرق مع الأحاديث الصحيحة المصرحة بينهما انتهى. قال عمي تغمده الله برحمته:
وما قاله ظاهر الوجه، لأن ما سبق في تعليم الكيفية ظاهر في مشروعية الصلاة على الآل في كل موطن شرعت فيه الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم كما اقتضاه صنيع النووي في الصلاة آخر القنوت، لقوله في الأذكار: يستحب أن يقول عقب هذا الدعاء أي القنوت " اللهم صل على محمد وعلى آل محمد وسلم " وقوله " وسلم " احترازا عما تقرر من كراهة إفراد الصلاة عن السلام كما صرح به النووي نفسه.
فحيث شرعت الصلاة شرع السلام معها، وإنما لم يذكره صلى الله عليه وسلم في تعليمه لكيفية الصلاة عليه لما سبق من قولهم " عرفنا كيف نسلم عليك "، وإنما المراد تعليمهم لها في جلوس التشهد وقد سبق السلام عليه قبلها فيه.
(إلى أن قال): وقد جاء عن ابن مسعود الأنصاري البدري رضي الله عنه قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من صلى صلاة لم يصل فيها علي وعلى أهل بيتي لم تقبل. أخرجه الدارقطني والبيهقي، وقد قال الإمام الشافعي في هذا المعنى مشيرا إلى وصفهم ومنبها إلى ما خصهم الله تعالى به من رعاية فضلهم:
يا أهل بيت رسول الله حبكم * فرض من الله في القرآن أنزله كفاكم من عظيم القدر أنكم * من لم يصل عليكم لا صلاة له وقد جاء في فضل النبي صلى الله عليه وسلم أحاديث منها:
قال الحافظ أبو عبد الله في كتابه " نظم درر السمطين " أنه روي عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه، إذا هالك أمر فقل " اللهم صل على محمد وعلى آل محمد، اللهم إني أسألك بحق محمد وآل محمد أن تكفيني ما أخاف وأحذر " فإنك تكفى ذلك الأمر.
وأخرج الحافظ أبو محمد عبد العزيز الأخضر في " معالم العترة النبوية " من طريق أبي نعيم قال: أخبرنا محمد، قال حدثنا محمد بن الحارث، قال أخبرنا سويد، قال حدثنا معاوية بن عمار، عن جعفر بن محمد قال: من صلى على محمد وعلى أهل بيته مائة مرة قضى الله له مائة حاجة وفي رواية عن جابر مرفوعا: سبعين منها لآخرته وثلاثين منها لدنياه. أخرجه ابن مندة.
وقال الحافظ أبو موسى والمديني: إنه غريب حسن.
ونقل التاج اللخمي الإسكندري في كتابه " الفخر المنير " عن الشيخ الصالح موسى الضرير أنه أخبره أنه ركب في مركب في البحر الملح قال: وقامت علينا ريحا تسمى الإقلابية قل من ينجو منها من الغرق، وضج الناس خوفا من الغرق، قال:
فغلبني النوم فرأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يقول: قل لأهل المركب يقولون ألف مرة " اللهم صل وسلم على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد صلاة تنجينا بها من جميع الأهوال والآفات وتقضي لنا بها جميع الحاجات وتطهرنا بها من جميع السيئات وترفعنا بها عندك أعلى الدرجات وتبلغنا بها أقصى الغايات من جميع الخيرات في الحياة وبعد الممات " - قال: فاستيقظت فأعلمت أهل المركب بالرؤيا، فصلينا نحو ثلاثمائة ففرج الله عنا، وقد نقل هذه القصة عن التاج اللخمي الحافظ أبو عبد الله الزرندي ثم قال: إن الشيخ الصالح الفقيه الحسن بن علي الأسواني أخبرني بها وقال: من قالها في كل مهم ونازلة فرج الله عنه وأدرك مأموله. إنتهى.