شرح إحقاق الحق - السيد المرعشي - ج ٢٤ - الصفحة ١٤٠
صبروا جنة وحريرا). (1)
(1) قال الفاضل المعاصر محمود شبلي في (حياة فاطمة عليها السلام) ص 176 ط دار الجيل بيروت:
وقالوا: وهذا البيت الطاهر الذي طهره الله في محكم كتابه كان على جانب عظيم من الشفقة والحنان، فقد كان أهل البيت يعطفون حد العطف على الفقراء والمعوزين، يرأفون بهم، ويقدمونهم على أنفسهم، ويبذلون لهم ما بأيديهم ولو كان بهم خصاصة. ولعل قصة النذر التي خلدها الله في كتابه بسورة الدهر، هي أروع ما حكاه التاريخ البشري من حنان الانسان، يحدثنا الزمخشري في كشافه عن ابن عباس أنه قال: إن الحسن والحسين مرضا، فعادهما رسول الله صلى الله عليه وسلم في ناس معه، فقالوا: يا أبا الحسن لو نذرت على ولديك؟ فنذر علي وفاطمة وفضة جارية لهما إن برئا مما بهما أن يصوموا ثلاثة أيام، فشفيا وما معهما شي، فاستقرض علي من شمعون الخيبري اليهودي ثلاثة أصوع من شعير، فطحنته فاطمة واختبزت خمسة أقراص على عددهم، فوضعوها بين أيديهم ليفطروا، فوقف عليهم سائل فقال: السلام عليكم أهل بيت محمد مسكين من مساكين المسلمين أطعموني أطعمكم الله من موائد الجنة ا، فآثروه وباتوا لم يذوقوا إلا الماء وأصبحوا صياما.
فلما أمسوا ووضعوا الطعام بين أيديهم وقف عليهم يتيم فآثروه... ووقف عليهم أسير في الثالث ففعلوا مثل ذلك.
فلما أصبحوا أخذ علي بيد الحسن والحسين وأقبلوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما أبصرهم وهم يرتعشون كالفراخ من شدة الجوع قال: ما أشد ما أرى بكم. وقام فأنطق معهم، فرأى فاطمة في محرابها قد التصق بطنها بظهرها وغارت عيناها فساءه ذلك، فنزل جبريل عليه السلام وقال: خذها يا محمد هنأك الله في أهل بيتك، فأقرأه السورة.
قالوا: هذا بيت الوصي كما يراه الله والنبي، ولا أخال أن بيتا في الاسلام حوى من المجد والعظمة ما حواه بيت الإمام، وحسبه عزا وفخرا أن يكون آل هذا البيت أهلا للرسول ليس له آل غيرهم، فقد كانت زوجاته في بيته ولكن لم يكن من أهله كما عرفت، ولذلك كان صلى الله عليه وسلم وآله إذا غزا أو سافر بدأ بالمسجد أولا ثم أتى بيت علي ثانيا ثم انقلب بعد إلى زوجاته.
فسلام على محمد في الليل والنهار، وسلام على آل البيت الأطهار.