الخطر، إنهما يقاتلان دوننا، وتقول لهما أنتما في النار؟ فيقول عمرو: والله هو ذاك، والله إنك لتعلمه، ولوددت أني مت قبل هذا بعشرين سنة.
وقال عبد الله بن عمرو بعد ذلك لأبيه، وهما منصرفان مع معاوية من صفين: يا أبت إني سمعت رسول الله يقول لعمار:
" تقتلك الفئة الباغية " ويلتفت عمرو إلى معاوية في خبث فيقول له: ألا تسمع ما يقول هذا الغلام؟ فيقول معاوية: ما تزال تأتينا بهنة تدحض بها في بولك! أنحن قتلناه؟ إنما قتله الذين جاؤوا به، ويستضحك الداهيتان!
وقال عمرو بن العاص يوما لجلسائه: إني لأرجو أن يكون رسول الله مات يوم مات وهو لا يكره رجلا فيدخله الله النار.
فقالوا له: قد كنا نراه يحبك، وكان يستعملك، قال: الله أعلم، أحبني أم تألفني، ولكنا كنا نراه يحب رجلا قالوا: فمن ذلك الرجل؟. قال: عمار بن ياسر. قالوا: ذلك قتيلكم في صفين!. قال: قد والله قتلناه.
وتفرق أهل الشام بعد قتل عمار عن ألويتهم، يأبون أن يكونوا هم الفئة الباغية، واختلطوا بأهل العراق، وراق لعمرو أن يمتحن ذهن ملكه في هذه المشكلة، فأكد لأهل الشام قوة ذاكرتهم فيما حفظوا بشأن عمار، واستقامة أفهامهم لما حفظوا، فأعرض معاوية عن وزيره، وأقبل على جيشه يقول لهم: ذاكرتكم لا شئ أوعى منها، ولكن حديث الفئة الباغية