كتاب الألفين - العلامة الحلي - الصفحة ٧٢
السابع: الإنسان مدني بالطبع لا يمكن أن يعيش مفردا لافتقار في بقائه إلى مأكل وملبس ومسكن لا يمكن أن يفعلها بنفسه، بل يفتقر إلى مساعدة غيره بحيث يفرغ كل منهما لما يحتاج إليه صاحبه حتى يتم نظام النوع ولما كان الاجتماع في مظنة التغالب والتنافر، فإن كل واحد من الأشخاص قد يحتاج إلى ما في يد غيره فتدعوه قوته الشهوية إلى أخذه وقهره عليه وظلمه فيه فيؤدي ذلك إلى وقوع الهرج والمرج وإثارة الفتن، فلا بد من نصب إمام معصوم يصدهم عن الظلم والتعدي، ويمنعهم عن الغلب والقهر، وينتصف للمظلوم من الظالم، ويوصل الحق إلى مستحقه، لا يجوز عليه الخطأ ولا السهو ولا المعصية، وإلا لم يتم النظام به (1).
الثامن: إنه تعالى قادر على نصب إمام معصوم والحاجة للعالم داعية إليه ولا مفسدة فيه، والكل ظاهر فيجب نصبه (2).

(1) قد يقال: إن النظام اليوم قام بدون إمام معصوم حاضر متمكن، فلا حاجة إذن له من هذه الناحية، ولكن نقول: إن القصد من تمام النظام تمامه على النهج الشرعي القويم، الذي يكون المرء فيه أمينا على نفسه وعرضه وماله، وإن أصيب في شئ من هذه الثلاثة، فالإمام ينتصف له من ظالمه حسب الشريعة على قدر ظلامته، لا يأخذ له دون حقه، ولا ينتصف من ظالمه بأكثر من حقه، وأين هذا النظام اليوم، ومتى كان؟
(2) وإنما تمحل قوم في مخالفة هذا الظهور العقلي الوجداني، واتبعوا أنفسهم في التخلص - بزعمهم - من هذا الوجوب، تصحيحا لإمامة من زعم الإمامة ونسبت إليه، وما كانوا منها بسبب أو نسب على أن ذلك الدفاع عنهم ما كان إلا تعليلا بعد الوقوع وإلا فإن اعتبار العصمة في الإمامة أظهر من أن يحتاج إلى برهان.
(٧٢)
مفاتيح البحث: الظلم (2)، الجواز (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 67 68 69 70 71 72 73 74 75 76 77 ... » »»
الفهرست