كتاب الألفين - العلامة الحلي - الصفحة ٦٩
تعالى، فهو معصوم. لا يقال: لم لا يجوز أن يكون خوف الإمام من العزل سببا موجبا لامتناع إقدامه على الخطأ (1) سلمنا لكن ينتقض ما ذكرتم بالنائب له إذا كان في المشرق والإمام في المغرب فإنه غير معصوم ولا يخاف سطوته، سلمنا لكن الإمامة عبارة عن مجموع أمرين أحدهما ثبوتي وهو نفوذ حكمه على غيره، والثاني سلبي وهو انتفاء نفوذ حكم غيره عليه، فلو افتقرت الإمامة إلى العصمة لكان ذلك أما للأول أو للثاني أو للمجموع والكل باطل بالنائب المذكور، فإنه لا ينفذ حكم أحد عليه غير الإمام والإمام في تلك الحال لا ينفذ حكمه عليه أيضا لأنه يستدعي علم الإمام بالغيب وقدرته على الاختراع وهو نافذ الحكم على غيره، وقد تحقق فيه كل واحد من الوصفين مع أن العصمة غير معتبرة فيه فبطل اشتراط العصمة في الإمام، لأنا نجيب عن الأول بأن من عرف الفوائد علم بالضرورة عجز الأمة عن عزل آحاد الولاة، فكيف بالرئيس المطلق (2) وعن الثاني: إن النائب يخاف من العزل في مستقبل الوقت، وذلك لطف له بخلاف الإمام (3).
سؤال: فليكن خوف الإمام من عقاب الآخرة لطفا له؟
جواب: الإمام يشارك غيره في الخوف فلما لم يكن ذلك مغنيا لهم عن

(1) لو سلمنا امتناعه عن الخطأ فهو إنما يمتنع عمدا وجهرا، ولكن كيف شأنه مع السهو والغفلة والنسيان، وارتكاب العصيان سرا؟ فجواز الفساد في إمامته لا مفر منه.
(2) قد يقال، إن الأمة وإن لم تقو على عزل الولاة رأسا لأن نصبهم لا يعود إليهم، ولكنها تقوى على عزل الرئيس المطلق، لأن نصبه كان إليهم، ومن بيده النصب يكون بيده العزل، غير أن الشأن الذي يراعي هنا هو أن خوف العزل وحدة لا يمنع عن الخطأ سرا أو سهوا كما سبق بيانه فالفساد ملحوظ بالإمام غير المعصوم.
(3) قد أوضحنا إن خوف العزل وحده لا يمنع من الخطأ وشاهده من تعاقب على كراسي الحكم، فقد كان يجري على بعضهم العزل ولا يمنع الباقين من ارتكاب الخطأ عمدا وسهوا.
(٦٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 64 65 66 67 68 69 70 71 72 73 74 ... » »»
الفهرست