كتاب الألفين - العلامة الحلي - الصفحة ٧٧
العشرون: قوله تعالى: * (اهدنا الصراط المستقيم صرط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين) وغير المعصوم ضال (1) فلا يسأل اتباع طريقة قطعا، فتعين أن يكون هنا معصومون، والهداية إنما هي العلم بطريقهم لا بالظن وهو نقلي والناقل له أيضا معصوم والإجماع والتواتر غير متحقق، إذ السؤال الإمام إنما هو اتباعهم في جميع الأحكام، والإجماع والتواتر لا يفيدان ذلك فليس إلا الإمام فإنه إذا كان قوله تعالى: * (الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين) * إشارة إلى الأنبياء، فالهداية إلى طريقهم بطريق علمي إنما هو من المعصوم في كل زمان إذ لا يختص هذا الدعاء بقوم دون قوم، وإن كان إشارة إلى الأنبياء والأئمة عليهم السلام فالمطلوب أيضا حاصل.
الحادي والعشرون: قوله تعالى: * (إن عبادي ليس لك عليهم سلطن إلا من اتبعك من الغاوين) * هذه نكرة منفية فتعمم للاستثناء، فيلزم من ذلك نفي كل سلطان للشيطان على قوم خاصة (2) في جميع الأوقات إذ كل من صدر منه ذنب في وقت ما كان للشيطان عليه سلطان في الجملة، وهو ينافي

(1) لا بد من تأويل الظاهر من هذا الكلام، لأنه لا يمكن أن يحكم على كل من ليس بمعصوم إنه ضال لاستلزام ذلك ضلالة من عدا المعصوم من أبناء الإسلام عامة حتى من اتبع المعصوم، وهذا لا يلتزم به حتى المصنف طاب رمسه، فاحسب أنه أراد ضلالة كل من ليس بمعصوم ممن لم يتبع المعصوم ولم يعمل بقوله ويأخذ بطريقته، فإنه يخالف بذلك الشريعة في كثير من أحكامها ونظامها، وهذا عين الضلالة.
(2) يمكن أن يقال: إن نفي السلطان لا يستلزم العصمة، فإن العادل الذي لم يرتكب ذنبا غير معصوم مع أنه ليس للشيطان عليه سلطان، على أن مرتكب الذنب خطأ لا يخرج عن كونه ممن ليس للشيطان عليه سلطان، فإن الاستثناء لم يخرج إلا الغواة وجعل تعالى عنوانهم التابعين للشيطان ومرتكب الخطيئة سهوا وغفلة لا يعد من أتباع الشيطان الغواة على أن الاستثناء بإخراج الغواة جعل العباد قسمين غواة وهم أتباع الشيطان، وهداة وهم الذين لم يكن للشيطان عليهم سلطان، فإذا كان هؤلاء هم المعصومين خاصة كان كل من عداهم إذن غواة، ولا يمكن أن يلتزم حتى المصنف طاب ثراه بأن الناس بين معصوم وغاو حتى من اتبع المعصوم.
(٧٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 72 73 74 75 76 77 78 79 80 81 82 ... » »»
الفهرست