كتاب الألفين - العلامة الحلي - الصفحة ٧٤
فلأن الإمام عبارة عن شخص يؤتم به، أي يقتدي به كما أن اسم الرداء لما يرتدي به واللحاف لما يلتحف به، وأما الاجماع فلأنه لا خلاف أنه يجب على كل واحد من الناس قبول حكم الإمام واتباعه في جميع الأحكام وفي جميع سياسته، وأما العقل فلأنه يجب اتباع الإمام قطعا وقبول حكمه، أما أن يكون بمجرد قوله أو لدليل دل على ذلك أو لا لقوله ولا لدليل دل عليه لا جايز أن يقال إنه لا لقوله ولا لدليل دل عليه بالضرورة ولا جايز أن يقال لدليل دل عليه لوجوب اتباعه على غير المجتهد ولا يتحقق عليه دليل ولأنه لا فايدة حينئذ في توسط قوله فتعين أن يكون بمجرد قوله، فلو جاز عليه الخطأ فبتقدير إقدامه على الخطأ، أما أن يقال: بوجوب اتباعه والأمر من الله تعالى بالاقتداء به، أولا يقال ذلك، فإن كان الأول لزم كونه آمرا بالخطأ وهو محال، وإن كان الثاني فقد خرج الإمام في تلك الحالة عن كونه إماما، فيلزم منه خلو ذلك الزمان عن الإمام وهو محال.
الثالث عشر: إنا نعلم بالضرورة بعثة النبي صلى الله عليه وآله وتكليف الناس في كل زمان باتباع ما جاء به من الشرايع وذلك موقف على نقلها إلى من بعده، والناقل إما أن يكون معصوما أو غير معصوم، والثاني باطل وإلا لما حصل العلم بقوله فيما ينقله ولا الاعتماد على قوله فتنتفي فايدة التكليف (2) فتعين الأول والمعصوم، أما الإمام أو الأمة فيما أجمعوا عليه أو أهل التواتر فيما نقلوه لا غير، فالقول بمعصوم خارج عن هؤلاء الثلاثة قوله لا

(١) فإذا انتهت الحاجة إلى المعصوم كان المعصوم غنيا عن غيره، فيكون فوق الجميع، وهو الرئيس ومن سواه مرؤوسا.
(٢) نعم إلا أن يكون كل حكم من الشريعة يرويه عدة ثقات يحصل من روايتهم اليقين بالحكم، دون أن يعارض روايتهم ثقات آخرون، وأين هذا في الشريعة؟ وإن وجد ففي أحكام نادرة.
(٧٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 69 70 71 72 73 74 75 76 77 78 79 ... » »»
الفهرست