الوجه الخامس عشر: كما أن الإمام لطف باعتباره إن الناس معه أقرب إلى الصلاح وأبعد من التنازع والهرج والمرج، وكان ذلك علة في وجوب نصبه كذلك كونه منصوصا (1) عليه معينا من عند الله تعالى، فإن الناس مع الإمام المنصوص عليه من قبل الله تعالى أقرب إلى الصلاح وأبعد عن الهرج والمرج، مما إذا كان تعيينه مستندا إلى اختيار المكلفين ومفوضا إلى تعيين العامة فإنه لا فساد أعظم من ذلك ولا اختلاف أشد منه فيكون تعيينه من قبل الله تعالى واجبا، كما وجب أصل تعيينه، لا يقال لا نسلم ذلك لأن مقتضى الهرج والمرج الاختلاف في المذهب، وهذا حاصل مع النص أيضا، فيصح أن يحمل هذا الاختلاف صاحب المذهب على منازعة من يخالفه في المذهب وينكر نصه الذي يدعيه أو يتأوله على ما لا يدل معه بمخالفة منازع كما نجدهم يفعلون هذا في النصوص مخالفيهم التي ينصرون بها مذاهبهم، على أن الإمامية ليس لهم أن يقولوا بهذا، لأن النصوص عندهم موجودة في كل زمان وإن المعجزات ظهرت على يد الأئمة عليهم السلام ثم لم ترتفع الفتنة في الأزمنة كلها في النصوص ولم يقع الطاعة للمنصوص عليه إلا في أوقات يسيرة، وهو علي عليه السلام ثم من بعده لم يتمكن أحد من الأئمة عليهم السلام من الظهور بل منعوا وغلبوا من ولي الأمر بالاختيار، فقد سلم له
(٥٣)