الأمر مدة مديدة وعارض أبو الحسين أيضا، فقال: إيما أقرب إلي نفي الهرج والمرج بأن يبعث الله نبيا معه معجزات ظاهرة للناس كافة تشافه الناس بالنص على الإمام أو بان يقتصر بهم على نصوص مجملة منقولة بروايات محتملة؟ فلا بد أن يقولوا بأنهم مع الأول أقرب إلى ترك الهرج والمرج، ثم لم يفعل الله تعالى ذلك، وأيما أقرب إلى نفي الهرج بأن يسلب الله تعالى الأشرار زيادة القوة ويجعلها في أنصار الإمام أو يجعل زيادة القوة في الأشرار؟؟ ولا شك في أن الأول أقرب إلى نفي الهرج ثم لم يفعل الله تعالى ذلك تشديدا للتكليف، وتغليظا للمحنة وتعريضا لزيادة الثواب وكذا الأمر في تفويض أمر الإمامة إلى الاختيار وترك النص لأنا نقول: إنكار العلم بقرب الناس إلى الصلاح مع التنصيص على الإمام بعدهم مع التفويض إلى الاختيار إنكار للضروريات ومكابرة محضة فإن كل عاقل يجزم بذلك ويحكم به وإذا حمل المنازع النص على ما لا دلالة عليه كان جاحدا له ومنكرا ومعاندا، ومثل هذا أشد إنكارا لاختيار من يعانده في تعيين إمام لا يقول بمقالته ولا يذهب إلى معتقده وطاعته، والأول أقرب فيكون أولى بالوجوب وإن منعت معاندته من وجوب التنصيص كانت أشد منعا من الاختيار، وإذا عاند جماعة كثيرة للمنصوص عليه وفوضوا أمرهم إلى غيره لم يكن ذلك قادحا في وجوب التنصيص إذ لا يلزم من وجوب الشئ العمل به على من وجب عليه، ولا فرق بين الإمام والنبي صلى الله عليه وآله وسلم في ذلك، وكما لم يجب من عدم اتباع الكفار للنبي ترك البعثة، كذلك لا يجب من ترك اتباع المخالفين للمنصوص عليه ترك النص، ومعارضة أبي الحسن باطلة، أما أولا، فلأنها واردة عليه حيث أوجب نصب الإمام لكونه لطفا. وأما ثانيا فلو ردوه على جميع التكاليف فإن الناس لو خلقوا معصومين كانوا إلى الصلاح أقرب، ومع ذلك كله لا يجب فعله ويلزم من ذلك سقوط التكاليف، إذ مع عدمها يكون الناس إلى الصلاح أقرب وهو باطل، كما أن المصلحة، اقتضت التكليف ومشقته كذلك الإمامة.
الوجه السادس عشر: لو جاز أن يثبت الإمامة بالاختيار لجاز أن يثبت