كتاب الألفين - العلامة الحلي - الصفحة ٢٩
والفروج، وسعاة الزكوات الأمناء على أموال الفقراء وأمراء الجيوش الواجبي الطاعة في الحروب وبذل النفس والقتل، والولاة أمر ضروري لنظام النوع، ولا بد أن يكون منوطا بنظر واحد لاستحالة الترجيح من غير مرجح، والواقع اختلاف الآراء وتضاد الأهواء، وغلبة الشهوات وتغاير المرادات واتفاق الخلق من أنفسهم ابتداء على واحد في هذه المناصب متعسر بل متعذر، وفي كل زمان على شخص واحد بالشرائط التي يستحق معها ذلك ممتنع، فإن الاتفاقي يستحيل أن يكون أكثريا أو دائميا، فذلك الواحد الذي يناط تولية هؤلاء بنظره لا بد أن يكون واجب الطاعة من قبل الله تعالى، ويستحيل من الحكيم إيجاب طاعة غير المعصوم في مثل هذه الأمور الكلية التي بها نظام النوع وعدم اختلاله، وظاهر أن غيره لا يقوم مقامه على التقادير التي يبحث عنها.
8 - الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لطف لا يقوم غيره مقامه لوجوبه من غير بدل، فالأمر لطف واجب لا يقوم غيره مقامه لامتناع تحقق الإضافة بدون تحقق المضافين، ولا بد أن ينتهي إلى معصوم لا يجوز عليه الخطأ بوجه من الوجود ولا السهو، وإلا لجاز أمره بالمنكر ونهيه عن المعروف، فلم يبق وثوق بقوله فانتفت فائدة التكليف به، ولأنه أما أن يكون كل واحد من الخلق مأمورا بأمر الآخر ونهيه من غير أن يكون هناك رئيس يأمر الكل وينهاهم أو مع رئيس والأول باطل، وإلا لوقع الهرج والمرج ولانتفى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر إذ الغالب أن يرضى الواحد بترك تأليم غيره ليترك تأليمه، لأنا نبحث على تقدير غلبة القوة الشهوية والغضبية على القوة العقلية في أكثر الناس الذين يحصل بسبب تخليتهم على قواهم الشهوية والغضبية المفتضية لعدم التفاتهم إلى الشرايع اختلال نظام النوع، فتعين الثاني فلا يقوم غير الرئيس في ذلك مقامه، ولا بد أن يكون ذلك الرئيس من قبل الله تعالى بحيث تجب طاعته وجوبا عاما، ولا بد أن يكون معصوما.
9 - العلم بالأحكام يقينا لا ظنا بالاجتهاد، لأن المصيب واحد على ما بيناه في كتبنا الأصولية، وقد تتعارض الأدلة وتتساوى الأمارات، ويستحيل
(٢٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 ... » »»
الفهرست